رجل وأقام بينة أنها له لم يرجع بما أنفق، إلا إذا كان الإنفاق بأمر القاضي، وإذا رفع الأمر إلى القاضي، فالقاضي لا يأمره بالإنفاق ما لم يقم بينة أنه التقطها نظراً للمالك، وقدمنا نظيره قبل هذا، فإن قال: لا بينة لي، فالقاضي يقول له: أنفق عليها إن كنت صادقاً، فإن كان صادقاً يرجع، وإن كان كاذباً لا يرجع.
قالوا: إذا كانت اللقطة شيئاً يخاف عليها الهلاك متى لم ينفق عليها إلا أن يقم البينة فالقاضي يقول له: أنفق عليها إن كنت صادقاً، فإن أقام بينة عند القاضي أمره بالإنفاق يومين أو ثلاثة، بعد هذا إن كانت اللقطة شيئاً يمكن إجارتها مؤاجرة ينفق عليها من أجرها، وإن كانت شيئاً لا يمكن إجارتها باعها القاضي بنفسه، أو أمر الملتقط بالبيع، وأعطى الملتقط من الثمن ما أنفق بأمره، وإن لم يبعها حتى جاء صاحبها، وأقام بينة قضى به القاضي له، وقضى عليه بما أنفق الملتقط، وكان للملتقط أن يحبسها منه حتى يعطيه ما أنفق، وهذا لا يشكل فيما إذا أمر بالإنفاق على أن يكون ديناً على صاحبها إذا لم يشترط ذلك، فظاهر ما ذكر في هذا الكتاب يقتضي الرجوع، قال شيخ الإسلام: يجب أن يكون في المسألة روايتان على نحو ما بينا في اللقيط.
في «المنتقى» إذا قال الرجل: وجدت لقطة وضاعت في يدي، وقد كنت أخذتها لأردها على مالكها، وأشهدت بذلك،، وكان الأمر كما قال من الأخذ للرد على المالك والإشهاد بذلك، إلا أن صاحبها يقول: ما كانت لقطة، وإنما وضعتها بنفسي لا يرجع واحد، فإن كان في موضع ليس يقربه أحد، أو كان في طريق، فالقول قول الملتقط إذا حلف أنها ضاعت عنده، وإن كان لا يدري ما قصتها ضمن الملتقط، وإن قال صاحبها: أخذتها من منزلي، فقال الملتقط: أخذتها من الطريق ضمن، وإن وجدها في دار قوم أو في منزلهم أو في نار فارغة ضمن، إذا قال صاحبها: وضعتها لأرجع فآخذها، والأصل في ذلك كله أن أخذ مال الغير سبب لوجوب الضمان، بعضه الأصل إلا إذا كان الأخذ على وجه الحفظ بأن يكون في الطريق، أو يكون في مكان لا يكون يقربه أحد؛ لأنه يعوض التوى، والتلف إذا كان بهذه الصفة، فكان الأخذ للرد على المالك، والحالة هذه من باب الحفظ، فما لم يعلم ذلك أعمل فيه بعض الأصل.
وفي «الأصل» إذا قال المالك: أخذت مالي غصباً، وكان الملتقط يقول: كانت لقطتة، وقد أخذتها لك، فالملتقط ضامن من غير تفصيل، وإذا كانت اللقطة في يدي مسلم، فادعاها رجل فأقام عليه الثلاثة وأقر الملتقط بذلك أو لم يقر ولكن قال: لا أردها عليك إلا عند القاضي فله ذلك، وإن مات في يده عند ذلك فلا ضمان، في «المنتقى» : وإذا كانت اللقطة في يد مسلم ادعاها رجل، وأقام على ذلك شاهدين كافرين لا تقبل هذه الشهادة، وإن كانت في يدي كافر، وباقي المسألة بحالها، فكذلك قياساً؛ لأني أدري بعلمها بكل مسلم.
وفي الاستحسان: تقبل الشهادة؛ لأن المستحق بهذه الشهادة في الحال اليد وإنها للكافر، وأما الكل فكما يتوهم أن تكون للمسلم يتوهم أن تكون للكافر، فيعارض