ابنهما، فقد شرط تصديق الزوجة والأمة، أما تصديق الزوجة فظاهر؛ لأنه أقر عليها بما يلزمها من حقوق النسب، وإقرار الإنسان على زوجته لا يصح إلا بتصديقها، وأما تصديق الأمة فلأنه وإن أقر على مملوكه ولكن بما يلزمها في الحال وبعد الحرية، فإن حقوق النسب كما يلزمها في الحال، يلزمها بعد الحرية، وإقرار المالك على مملوكه بما يلزمها بعد الحرية لا يصح إلا بتصديق المملوك.

ولو ادعاه عبد أنه ابنه من امرأته هذه، وهي أمة وصدقته المرأة، وصدقها المولى وقال: هو عبدي؛ ثبت النسب، وكان اللقيط مملوكاً لولي الأمة، وهذا قول أبي يوسف؛ لأن من ضرورة ثبوت النسب من الأمة أن يكون مملوكاً، وعند محمد رحمه الله هو حر؛ لأنا حكمنا بثبات نسبه؛ لأنه ينفعه، وليس في إبطال الحرية الثانية من حيث الظاهر نفع بل فيه ضرر، فثبت نسبه من الرجل، ولا يجعل ابن امرأته هذه.

فلو ادعت امرأة اللقيط أنه ابنها وهي حرة أو أمة لن تصدق على ذلك إلا ببينة، فإن أقامت امرأة واحدة على أنها ولدته قبل ذلك منها إذا كانت عدلة حرة؛ أطلق الجواب ولم يفصل، بينما إذا كان لها زوج؛ لأنها تحمل النسب على فراش الغير، أما إذا لم يكن لها زوج فلا تحتاج إلى البينة، وهي والرجل سواء، ومن المشايخ من أجرى المسألة على إطلاقها، وقال: الحكم في حقها ثبت بحقيقة الولادة وللقابلة وقوف عليها، فلا بد من إقامتها لقبول قولها، فأما في جانب الرجل الحكم منقطع عن الحقيقة، وعلق بالسبب الظاهر، فكان قوله مقبولاً.

فلو ادعى اللقيط ذمي فالقياس على الاستحسان الذي ذكرنا في المسألة أنه لا يصدق، وفي الاستحسان يصدق، ويثبت نسبه منه ويكون مسلماً، ووجه ذلك: أن إثبات النسب يقع، وإثبات التبعة في الدين ضرر، فالنفع ينفصل عن الضرر، فحصلنا النفع ونفينا الضرر.

وفي «المنتقى» : الحسن عن أبي حنيفة ويقبل على الملتقط المسلم الشهود، النصارى لمسلم أو نصراني في قولهم جميعاً، يريد به إذا كان الملتقط مسلماً، فادعى مسلم أو نصراني أنه ابنه، وأقام على ذلك شهود نصارى يقبل منه، قال أبو الحسن: هذا الجواب مستقيم فيما إذا كان الملتقط ديناً غير مستقيم، فيما إذا كان الملتقط مسلماً؛ لأنها توجب استحقاق الملتقط، وشهادة أهل الذمة لاستحقاق الله على المسلمين لا تقبل، قيل: أيضاً هذا الجواب يأتي على طريق القياس؛ لأن على طريق الاستحسان النسب ثابت بالدعوة بدون الثلاثة فلا حاجة إلى الثلاثة.

وإن ادعاه رجلان ثبت النسب منهما، ولو سبق أحدهما بالدعوة فهو للسابق، ولا تقبل دعوى الآخر بعد ذلك، إلا أن يقيم الآخر بعد ذلك بينة أنه ابنه؛ لأن السبق في الدعاوي لا يقاوم البينة، وإن ادعاه امرأتان فعلى قول أبي يوسف ومحمد لا يثبت النسب من واحدة منهما؛ لأن ثبات النسب من جانبهما على حقيقة الولادة، واجتماع المرأتين على ولادة ولد واحد لا يكون بخلاف جانب الرجل؛ لأن الحكم في حقه منقطع عن الحقيقة، مبني على السبب وهو الفراش، وأما على قول أبي حنيفة فالنسب ثبت من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015