معلم معه خريطة فيها كتب من أخبار النبي صلى الله عليه وسلم، أو كتب أبي حنيفة رضي الله عنه أو غيره، فتوسد بالخريطة، إن قصد الحفظ لا يكره، إذ ليس فيه ترك التعظيم، وإن لم يقصد الحفظ يكره؛ لأن فيه ترك التعظيم.
روي عن إبراهيم النخعي رضي الله عنه أنه قال: المصحف لا يورث، إنما هو للقارىء من الورثة، وعندنا يورث كسائر الأموال، إلا أنه لا قطع فيه؛ لأن المقصود ما فيه وهو القرآن.
سئل الفقيه أبو جعفر عمن كان في كمه كتاب، فجلس يبول؛ أيكره ذلك؟ قال: إن أدخله مع نفسه المخرج يكره، وإن اختار لنفسه مبالاً طاهراً في مكان طاهر؛ لا يكره، وعلى هذا إذا كان في بيته دراهم مكتوب فيها اسم الله تعالى، أو شيء من القرآن، أو كان في هميانه دنانير كتب فيها اسم الله تعالى، أو شيء من القرآن، فأدخلها مع نفسه المخرج يكره، وإن أعد لنفسه مبالاً طاهراً في مكان طاهر لا يكره، وعلى هذا إذا كان عليه خاتم، وعليه شيء من القرآن مكتوب، أو كتب عليه اسم الله تعالى، فدخل المخرج معه أو أعد لنفسه مبالاً في مكان طاهر.
وعنه أيضاً: فيمن غرس الأشجار في المسجد؛ إن كان يفعل ذلك للظل؛ لا بأس، وإن كان يفعل ذلك لبيع الأوراق أو لمنفعة أخرى يكره إذا كانت تضيق على الناس مسجدهم لصلاتهم، أو يقع فيه تفريق الصفوف، قال: بلغنا أن عمر رضي الله عنه قطع شجرة كانت في قرب الكعبة، وكانت تضيق على القوم في طوافهم، ورأيت مسألة الأغراس في المسجد في موضع آخر، وكان جواب المسألة ثمة أنه إن كان للمسجد فيها نفع لا بأس به، وما لا فلا، ونفع المسجد أن يكون المسجد إذا ترك وأساطينه لا يستقر، فيغرس الأشجار ليجذب ذلك عروقها، وإن كان كذلك تجوز، وما لا فلا؛ وهذا لأن غرس الأشجار في المسجد تشبيه له بالبيعة، فلا يجوز ذلك إلا لحاجة، قالوا: ومشايخ بخارى إنما جوزوا ذلك في جامع بخارى لهذه الحاجة.
ولا يمس الجنب المصحف، ولا اللوح المكتوب عليه آية تامة من القرآن، والحائض كالجنب، والمحدث يساويهما في حكم المسح، ويفارقهما في القراءة.
والوجه في ذلك: أن الجنابة تشمل الفم واليد والحيض كذلك، ولهذا يجب إيصال الماء إلى الفم في الغسل عن الحيض والجنابة، فلا يجوز (84ب2) المس له (كما لا) يجوز لهما القراءة، وأما الحدث يحل باليد أما لا يحل بالفم، ولهذا لا يجب إيصال الماء إلى الفم في الوضوء عن الحدث، فيقرأ ولا يمس، فإن غسل الجنب الفم أو اليد، وأراد أن يقرأ القرآن، أو يمس المصحف لا يحل له ذلك، وكذلك المحدث إذا غسل اليد، وأراد أن يأخذ المصحف ليس له ذلك؛ لأن الجنابة لا تتجزأ ثبوتاً وزوالاً، والحدث كذلك. وكما لا يحل لهؤلاء مس الكتابة، لا يحل لهم مس البياض.
وإن مس المصحف بغلافه لا بأس به، والغلاف الجلد الذي عليه؛ المتصل به عند بعض المشايخ، وعند بعضهم المنفصل عنه كالخريطة ونحوها؛ لأن المتصل بالمصحف