يبيعها، فإنه يكره لمن عرفها للأول أن يشتريها من هذا ما لم يعلم أنه ملكها من جهة المالك بسبب من الأسباب، أو أذن له ببيعها؛ لأنه اجتمع ما يوجب الإباحة، وما يوجب الحظر عليه بأنها كانت مملوكة الغير، يوجب الحظر قبل إذن المالك، وقبل أن يملكه صاحب اليد من جهة ذلك الغير، وكونها في يد ذي اليد، واليد تدل على الملك من حيث الظاهر يدل على الإباحة، فهو معنى قولنا: إنه اجتمع ما يوجب الحظر وما يوجب الإباحة، فثبتت الكراهة؛ لأن حد المكروه ما يجتمع فيه دليل الحظر والإباحة كما في......

وإن اشترى جاز ويكون مكروهاً؛ وهذا لأنا متى حرمنا الشراء عطلنا ما يدل على الإباحة وهو ظاهر اليد، ومتى حكمنا بالجواز مطلقاً من غير كراهة عطلنا سبب الحظر، وهو علمه بأنها ملك الغير، وملك الغير حرام الشراء قبل الإذن فأثبتنا الكراهة عملاً بالأمرين، وإن علم أن المالك أذن له بالبيع، أو ملكه بوجه من الوجوه، فلا بأس بأن يشتريها منه، ويكون الشراء جائزاً من غير كراهة؛ لأنه زال سبب الحظر، فإن ملك الغير سبب الحظر إلى غاية الإذن، أو التملك من جهة ذلك الغير.

وإن قال الذي في يديه: إني اشتريتها أو وهبها لي أو تصدق علي بها، أو وكلني ببيعها؛ جاز له أن يشتري منه إذا كان عدلاً مسلماً لما ذكرنا أن قول الواحد العدل حجة في الديانات إذا لم ينازع في قوله، والمخبر هنا لم ينازع في خبره، فصار خبره حجة، وصار الثابت بخبره كالثابت معاينة، ولو عاين ما قال أفاد إباحة المعاملة معه؛ فكذا إذا ثبت بخبره، وهو عدل.

ثم إن محمداً رحمه الله شرط في هذه المسألة: أن يكون صاحب اليد مسلماً عدلاً والعدالة شرط، أما الإسلام ليس بشرط، فإن قول الذمي إذا كان عدلاً حجة في المعاملات على ما يأتي بيانه بعد هذا إن شاء الله تعالى، والحاكم الشهيد ذكر في «مختصر العدالة» ، ولم يذكر الإسلام، وتبين بما ذكر الحاكم أن ذكر الإسلام من محمد رحمه الله اتفاقي لا أن يكون شرطاً. وإن كان الذي في يديه الجارية فاسقاً لا تثبت إباحة المعاملة معه بنفس الخبر؛ بل يتحرى في ذلك، فإن وقع تحريه على أنه صادق حلَّ له الشراء منه، وإن وقع تحريه على أنه كاذب لا يحل له أن يشتريها منه، وإن لم يكن له رأي يبقى ما كان في الديانات.

وكذلك لو أن هذا الرجل لم يعرف كون هذه الجارية لغير صاحب اليد حتى أخبره الذي في يديه الجارية أن هذه الجارية ملك فلان، وأن فلاناً وكله ببيعها لا يسعه أن يشتري منه ما لم يعلم أن فلاناً ملكه من صاحب اليد، أو أذن له ببيعها؛ لأن إقرار صاحب اليد لغيره بما في يده حجة شرعاً، والثابت بالحجة الشرعية كالثابت عياناً، ولو عاين المريد للشراء (78ب2) كون الجارية لغير صاحب اليد بالعيان، لا يسعه أن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015