وإذا حلف لا يدخل دار فلان وفلان يسكن مع أبيه في الدار بالعلية. والأب هو الذي استأجر الدار، فقد قيل: إنه لا يحنث، وعلى قياس ما ذكر في «المنتقى» ينبغي أن يحنث بلا تفصيل، وعلى قياس ما ذكر في «فتاوى الفضلي» يجب أن تكون المسألة على التفصيل، إن كان للابن دار أخرى تنسب إليه سوى هذه لا يحنث، وإلا فيحنث.
ولو حلف لا يدخل من باب هذه الدار فدخل من غير الباب لم يحنث؛ لأن اليمين انعقدت على دخول موصوف بصفة، ولا يحنث ما لم توجد تلك الصفة، وإن ثقب باباً آخر فدخله حنث، لأن اليمين انعقدت على الباب المنسوب إلى الدار، فيستوي فيه القديم والحديث، ولو عيّن ذلك الباب في اليمين لم يحنث في غيره وهذا ظاهر.m
ولو لم يعينه ولكن نوى ذلك لا يُدين في القضاء لأنه خلاف الظاهر.
وإذا حلف لا يدخل بيتاً لفلان، ولم يسمّ بيتاً بعينه، ولم ينوه فدخل بيتاً يسكنه فلان بإجارة أو عارية فيحنث في يمينه عند علمائنا رحمهم الله، خلافاً للشافعي.
وإذا حلف لا يركب دابة فلان أو حلف لا يستخدم عبد فلان فركب دابة أو استخدم عبداً هو في يد فلان بإجارة أو عارية لا يحنث في يمينه بلا خلاف. والوجه لعلمائنا أنه عقد يمينه على بيت مضاف إلى فلان إضافة مطلقة فينصرف يمينه إلى الدار المضافة إلى فلان بملك الرقبة وبملك المنفعة جميعاً إذ إضافة العقار بملك المنفعة حقيقة، كما أن إضافته بملك الرقبة حقيقة لأن إضافة العقار بملك المنفعة ثابتة شرعاً وعرفاً.
فأما شرعاً فلما روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلّممر..... فأعجبه فقال «لمن هذا» ؟ فقال رافع * يريد (ابن) خديج * لي استأجرته، فرافع أضاف إلى نفسه ولم ينكر رسول الله صلى الله عليه وسلّم
وأما عرفاً فإن في العُرف يقال: هذا منزل فلان، وإن كان فلان يسكن فيها بإجارة أو عارية، وإذا كان إضافة العقار بملك ثابتة شرعاً وعرفاً كانت حقيقة كالاسم، متى ثبت الشيء عرفاً وشرعاً كان حقيقة كاسم الصلاة فثبت أن هذه الإضافة في العقار فينصرف اليمين إليها ولا كذلك العبد والدابة؛ لأن إضافة العبد والدابة بملك المنفعة ليست بحقيقة بل هي مجاز لأنها غير ثابتة شرعاً وعرفاً.
ولو حلف لا يدخل بيتاً لفلان فدخل بيتاً قد آجره من غيره، ذكر بعض مشايخنا في «شرحه» أن فيه اختلاف المشايخ، وذكر بعضهم أن عن أصحابنا فيه روايتين، في رواية يحنث من غير نيّة، وفي رواية لا يحنث (إلا) بالنيّة. فقيل: ما روي أنه لا يحنث إلا بالنّية قول أبي حنيفة رحمه الله وأبي يوسف رحمه الله، وما روي أنه يحنث من غير نيّة قول محمد، وذكر في «القدوري» روايتان عن محمد رحمه الله، ولم يذكر قول غيره.
ولو كان للمحلوف عليه (دار) يسكنها ودار غلة، فدخل دار الغلة لا يحنث، إذا لم يدل الدليل على دار الغلة؛ لأن داره مطلقاً دار يسكنها.