لا يحنث في يمينه؛ لأن شرط الحنث أكل مكسوب فلان، وهذا أكل مكسوب نفسه فلا يحنث. رواه إبراهيم عن محمد رحمه الله.
وقال هشام: سمعت محمداً رحمه الله يقول فيمن خلف لا يأكل من كسب فلان فوهب المحلوف عليه شيئاً من كسبه من الحالف أو تصدق عليه وأكل حنث في يمينه، ولو حلف من كسب فلان فاكتسب المحلوف عليه مالاً، ومات وورثه رجل وأكله الحالف يحنث في يمينه، لأن الثابت للوارث غير ما كان ثابتاً للمورث وكذلك لو ورثه الحالف وأكل يحنث في يمينه، بخلاف ما لو ينقل إلى غيره بغير الميراث بشراء أو وصية حيث لا يحنث لأنه صار كسباً للثاني، لأن المشتري والموصى له لا يملك على حكم ملك الأول، وقد مرّ شيء من هذا الجنس في كتاب الطلاق.
وإذا حلف لا يأكل من ملك فلان، أو مما يملك فلان يخرج شيء من ملكه إلى ملك غيره وأكله الحالف لا يحنث، لأن شرط الحنث أكل ما هو مضاف إلى فلان بالملك وقت ولو يوجد.
وكذلك على هذا إذا حلف لا يأكل طعام فلان ولو حلف لا يأكل ميراث فلان فمات المحلوف عليه ثم مات وارثه وورثه غيره وأكله الحالف لم يحنث، لأن بالإرث الثاني ينفسخ حكم الإرث الأول فلا يصير أكلاً من ميراث المحلوف عليه.
وإذا حلف لا يأكل مما اشترى فلان فاشترى لنفسه أو لغيره وأكله الحالف يحنث، ولو أن المحلوف عليه باع ما اشترى لنفسه أو باع ما اشترى لغيره بأمر المشتري له ثم أكل الحالف لا يحنث، لأن الشراء الثاني نسخ الشراء الأول.
ولو حلف لا يأكل مما زرع فلان وباع فلان زرعه وأكله الحالف يحنث؛ لأن الزراعة لا ينسخها الشراء فإن بذر المشتري وزرعه الحالف، فأكل الحالف من ذلك الزرع يحنث؛ لأن الأول قد انعدم بالثاني.
وكذلك إذا حلف لا يأكل من طعام يصنعه فلان أو من خبز يخبزه فلان وصنعه وباعه وأكل الحالف منه يحنث في يمينه.
وكذلك إذا حلف لا يلبس ثوباً نسجه فلان فنسجه ثم باعه لم ينسخ نسجه بالبيع إلا إذا أُنقض وغُزل ثانياً.
وكذلك إذا حلف لا يلبس ثوباً مسّه فلان فلبس ثوباً قد مسّه فلان وباعه يحنث في يمينه.
ولو حلف لا يأكل من طعام فلان، وفلان باع الطعام فاشترى وأكل حنث. ولو قال: لا آكل طعامك هذا وأهداه له وأكله لم يحنث في قياس قول أبي حنيفة رحمه الله وأبي يوسف رحمه الله يحنث، وهذه المسألة فرع مسألة أخرى تأتي بعد هذا؛ وهو ما إذا حلف لا يدخل دار فلان هذه فباعها فلان فدخلها الحالف.
وإذا حلف لا يأكل من غلة أرض فلان فأكل من ثمن الغلة حنث لأن هذا في العرف يسمى أكل غلة أرضه، وإن نوى أكل نفس ما يخرج منها دين في القضاء وفيما بينه