ولو قال: والله لأدخلن هذه الدار اليوم أو لأدخلن هذه الدار الأخرى فأيهما دخل بر في يمينه؛ لأن كلمة أو دخلت بين إثباتين فكان للخبر فصار غايتها دخول إحدى الدارين مخيراً نفسه بين دخول هذه أو هذه فإذا دخل إحديهما فقد أتى بما التزم فقد بر في يمينه. وتسقط اليمين ضرورة ولو لم يدخل واحدة منهما حتى مضى اليوم حنث في يمينه.

ولو قال: والله لا أدخل هذه الدار أبداً أو لأدخلن هذه الدار الأخرى اليوم، فإن دخل الأولى حنث في يمينه وإن لم يدخل الأولى ولم يدخل الأخرى حتى مضى اليوم حنث في يمينه، ولكن إنما يحنث في هذا الوجه في يمين الإثبات، وإنما كان هكذا لا بكلمة، أو دخلت بين نفي وإثبات، والمذكور، ثانياً لا يصلح غاية للمذكور أولاً لأن ذكر الأبد في النفي ذكر اليوم في الإثبات، واليوم لا يصلح غاية للأبد؛ لأن غاية الشيء ما ينتهي بها ذلك الشيء، والأبد لا ينتهي بشيء فجعل هاهنا للتخير فقد خير نفسه بين أن يلزم يمين النفي وبين أن يلزم يمين الإثبات، فإن شاء دخل الدار الأخرى حين يسقط يمين الإثبات وإن شاء لم يدخل الدار الأخرى اليوم حتى يسقط يمين النفي.

ولو قال: والله لا أدخل هذه الدار أو أدخل هذه الدار الأخرى فدخل الأولى حنث في يمينه، وإن لم يدخل الأولى ودخل الأخرى بر في يمينه لأن كلمة أو دخلت بين نفي بين إثبات. والمذكور ثانياً يصلح غاية للمذكور أولاً؛ لأنه لم يذكر في النفي والإثبات ثانياً في الغاية، فجعلنا المذكور غاية المذكور أولاً، وجعلنا المنعقد يميناً واحدة وهي يمين النفي وغايتها دخول الدار الأخرى ألا ترى أنه لو صرح بالغاية بأن قال: والله لا أدخل هذه الدار حتى أدخل هذه الدار الأخرى كان الكلام صحيحاً مستقيماً، فإن دخل الدار الأخرى فقد وجدت الغاية فيسقط يمين النفي، وإن دخل الدار الأولى ولم يدخل الدار الأخرى فقد وجد شرط الحنث في اليمين الأولى قبل وجود الغاية وقبل انتهائها فيجب في اليمين الأولى، ولو قال: والله لا أدخل هذه الدار أو أدخل هذه الدار الأخرى فالمنعقد هاهنا يمين النفي وحدها وغايتها دخول إحدى الدارين (365أ1) الأخريين فإن دخل الدار الأولى حنث في يمين النفي، وإن لم يدخل الأولى ودخل إحدى الأخريين بر في يمينه وروي عن محمد رحمه الله فمن قال: عبده حر إن لم يدخل هذه الدار اليوم فإن لم يدخل اليوم دخل هذه قال هذا ليس باستثناء واليمين على حالها لأنه لم يوجد لفظ الخبر ههنا ولم تتغير الأولى فإذا لم يدخل الأولى اليوم حنث في يمينه.

وفي «القدوري» عن أبي يوسف: إذا قال لامرأته أنت طالق أو والله لأضربن هذا الخادم اليوم، فضربه في يومه فقد بر في يمينه ولم يقع الطلاق؛ لأن الثابت أحدهما فإذا وجد الضرب ينفي الطلاق وإن مضى اليوم قبل الضرب حنث فالخبر يبرأ ومع الطلاق فيلزم بعد اليمين لأن الثابت بأحدهما والإجمال كان منه وكان التعيين إليه.

ولو قال في ذلك اليوم اخترت أن أوقع الطلاق لزمه وبطلت اليمين ضرورة، ولو قال في ذلك: اخترت التزام اليمين وإبطال الطلاق، فإن الطلاق لا يبطل لأن اليمين لا يلزم الإنسان بالتزامه فلا يتعين بالاختيار، يوضحه: أن الاختيار مما يلزمه من الحكم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015