استحلال الحرام كفر فقد علق الكفر بالشرط وتعليق الكفر بالشرط يمين، كما لو قال: هو يهودي إن دخل الدار قلت: استحلال هذه الأشياء ليس بكفر لا محالة، فإن في حالة الضرورة تصير هذه الأشياء حلالاً ولا يكون كفراً، أو إذا احتمل أن يكون استحلال هذه الأشياء كفراً كما في غير حال الضرورة فيكون يميناً، واحتمل أن لا يكون كفراً كما في حالة الضرورة فلا يكون يميناً لا يصير يميناً بالشرك بخلاف قوله: هو يهودي إن فعل كذا لأن اليهودي من أنكر رسالة محمد عليه السلام وإنكار رسالة محمد عليه السلام كفر على كل حال.
والحاصل أن كل شيء هو حرام حرمة مؤبدة بحيث لا تسقط حرمته بحال من الأحوال كالكفر، وأشباهه فاستحلاله معلقاً بالشرط يكون يميناً، وكل شيء هو حرام بحيث تسقط حرمته بحال كالميته والدم والخمر وأشباه ذلك فاستحلاله معلقاً بالشرط لا يكون يميناً.
ولو قال: إن فعلت كذا فاشهدوا عليَّ بالنصرانية فهو يمين. ذكره الفقيه أبو الليث رحمه الله في «فتاويه» لأن هذه بمنزلة قوله هو نصراني إن فعل كذا.
وفي «مجموع النوازل» إذا قال: أنا شر من المجوسي إن فعلت كذا أزهر ارفع وتو تبرم إن فعلت كذا كان يميناً، وكذلك إذا قال: أنا شريك النصارى، أو قال: أنا شريك الكفار إن فعلت كذا كان يميناً، ولو قال «اكد من اين ذن نحوا ميم موامغ خوانيد وجمعود خوانيد، وسنك ساركنيد» ثم تزوجها لا يلزمه شيء لأنه أمرهم بالقتل والشتم وما وصف نفسه به.
في «فتاوى النسفي» : ولو قال: «هرج مغان مغى كرده اندو جهودان جهودي كرده اند دركردن من كه من كاربكه دام» وقد كان فعل، وكذلك لا يلزمه شيء، ولو قال: «هرحه سلماني كردام وكافران دادام» إن فعلت كذا لا يكون يميناً، ولو قال: «سلماني نكرادم اكر فلان كاركتم» فهذا ليس بيمين لأنه لغو، إلا إذا عنى إذا ما صام وصلى لم يكن حقاً إن فعلت كذا أو إن ما عملت لم يكن حقاً، إن فعلت كذا فحينئذ يكون يميناً لأن هذا كفر وصار كما لو قال: هو كافر إن فعل كذا فعلى هذا القياس إذا قال بالفارسية: ما قال الله تعالى كذب إن دخلت الدار كان يميناً.
في آخر الباب الأول من أيمان «الواقعات» : إذا قال بالفارسية: «هذا ميدى كه إذ خداى تعالى دادم يومئذم» إن فعلت كذا فهذا يمين لأن اليأس من الله تعالى كفر فهو بمنزلة قوله: هو كافر إن فعل، كذا في أيمان «النوازل» والله أعلم.
نوع آخر
إذا قال: إن فعلت كذا فأنا بريء من الله تعالى فهو يمين لأن البراءه من الله تعالى كفر وتعليق الكفر بالشرط يمين، ولو قال: إن فعلت فأنا بريء من الله ورسوله فهو يمين واحدة، وإذا قال ذلك الفعل يكفيه كفارة واحدة، ولو قال: فأن بريء من الله وبريء من رسوله إن فعلت فقد لزمه كفارتان لأنهما يمينان. هكذا ذكر في «فتاوى أبي الليث» رحمه الله.