عبد بين رجلين شهد كل واحد منهما على صاحبه بالعتق، فالعبد يخرج إلى الحرية بالسعادية ويسعى لها موسرين كانا أو معسرين، أو كان أحدهما معسراً والآخر موسراً أو يكون الولاء بينهما لأن العبد عتق عليهما فيكون الولاء بينهما، وهذا قول أبي حنيفة رحمه الله، وعلى قولهما العبد حر وولاؤه موقوف بينهما؛ لأن كل واحد منهما يعد أن العبد كله عتق على صاحبه، وجميع الولاء له، وصاحبه ينكر.
أمة بين رجلين شهد كل واحد منهما أنها ولدت من صاحبه، وصاحبه ينكر فإن الجارية تكون أم ولد له موقوفة لأنهما تصادقا على كونها أم ولد، فإن في زعم كل واحد منهما أن نصيبه من الجارية صار لصاحبه وصارت أم ولد له وهذا أقر عليه، وزعم كل إثبات فيما عليه معتبر وتكون موقوفة لأن كل واحد منهما يقر لصاحبه، وصاحبه يتبرأ عنها فتكون موقوفة إلى أن يموت أحدهما، فإذا مات أحدهما عتقت ويكون ولاؤها موقوفاً بلا خلاف.
وإذا كانت أمة لرجل معروفة أنها له فولدت عند غيره ولداً فقال رب الأمة للمستولد: بعتكها بألف درهم، وقال المستولد: لا بل زوجتنيها بمائة فإن الجارية تصير أم ولد موقوفة لأن المولى يقول: بعتها من المستولد والمستولد استولد ملك نفسه فيثبت لها حق العتق والمستولد يقول: ما اشتريتها وهي ملك المولى وقد أقر لها المولى بحق الحرية ونفذ إقراره فقد تصادقا على ثبوت حق الحرية لها فصارت بمنزلة أم الولد وتكون موقوفة لا يستخدمها أحد ولا يطؤها ولا يبيعها (357ب1) لأن أب الولد تبرأ عنها بإنكارها الشراء، والمولى تبرأ عنها بادعائه البيع على المستولد، والولد حر لأنهما اتفقا على حريته، فإن مات المستولد عتقت الجارية، لأن مولاها قد أقر بعتقها عند موت المستولد، والمستولد إن كان مقراً تبعاً وإقراره فقد تصادقا على عتقها عند موت المستولد وولاؤها موقوف لأب كل واحد منهما يبيعه عن نفسه ويأخذ البائع العقر من أب الولد قصاصاً بالثمن؛ لأنهما تصادقا على وجوب هذا المقدار.
وإذا أقر الرجل أن أباه أعتق عبده في مرضه أو صحته ولا وارث له غيره فولاؤه موقوف في القياس ولا يصدق على الأب؛ لأن الولاء بمنزلة النسب، ثم النسب لا يثبت من الميت بإقرار أحد الورثة، فكذا الولاء، في الاستحسان الولاء يكون للابن فلا يكون موقوفاً لأنه لا يخلو، إما أن كان الابن صادقاً فيما قال، أو كان كاذباً، إن كان صادقاً كان الولاء له لأن ما كان له ابن تصير له بعد موت الأب، وإن كان كاذباً يعتبر هذا إنشاء عتق في حق العبد ويكون ولاؤه له فكيف مادله من.... يكون ولاؤه له، حتى لو مات العبد فإن الابن يرثه.
ولم يذكر محمد رحمه الله في كتاب الولاء أن عاقلة الأب هل تعقل عنه ومشايخنا رحمهم الله فصار الجواب فيه تفصيلاً فقالوا: إن كان عصبة الابن وعصبة الأب واحداً