وإنه يسمى ولاء النعمة وإنما سمي هذا الاسم اقتداءً بكتاب الله تعالى، قال الله تعالى: {وإذ تقول للذي أنعم اعليه وأنعمت عليه} (الأحزاب: 37) قوله أنعم الله عليه أي بالإسلام، وقوله أنعمت عليه بالعتق، نزلت الآية في زيد بن حارثة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلّموتكلموا في سبب هذا الولاء، بعض المشايخ رحمهم الله قالوا: سببه الإعتاق واستدلوا بقوله عليه السلام: «إنما الولاء لمن أعتق» وأكثرهم على أن سببه العتق على الملك وهو الصحيح ألا ترى أن من ورث قريبه حتى عتق على الملك فتقول: كل من حصل له العتق من جهة إنسان يثبت ولاء العتق منه سواء شرط الولاء أو لم يشترط أو برىء عنه، وسواء كان الإعتاق ببدل أو بغير بدل، وسواء حصل العتق بالإعتاق (355ب1) أو بالقرابة أو بالكتابة عند الأداء أو بالتدبير أو بالاستيلاد بعد الموت، وسواء كان العتق حاصلاً ابتداءً بجهة واجب ككفارة اليمين وما أشبهها لأن ظاهر قوله عليه السلام: «الولاء لمن أعتق» يتناول مطلق الإعتاق، وسواء كان المعتق رجلاً أو امرأة، لأن ظاهر قوله عليه السلام: «الولاء لمن أعتق» عام لأنه ذكر بكلمة «من» ويتعلق هذا الولاء أحكام من جملتها الإرث فنقول:
مولى العتاق من جملة الورثة عرف ذلك بالآثار والمعنى يدل عليه، ووجه ذلك أن المعتق بالإعتاق يحيي المعتق حكماً لأن الرقيق هالك حكماً ألا ترى أنه ليس بأصل الأحكام كثيرة تعلقت بالإحياء نحو القضاء والشهادة ووجوب الجمعة وأشباهها، وألا ترى أن الإمام في الكافر المقهور بالخيار إن شاء قتله وإن شاء استرقه، ولما كان الرقيق هالكاً حكماً كان الإعتاق إحياءً له حكماً، فكان المعتق بمنزلة الأم له حكماً فترث منه كما يرث الأب الحقيقي ولأجل هذا المعنى سوينا في ولاء العتاقة بين الرجل والمرأة لأن معنى الإحياء يعم الكل، وإنه مؤخر عن سائر العصبات، مقدم على ذوي الأرحام، والولاء لا يورث فيكون لأقرب الناس عصبة من المعتق، حتى لو مات مولى العتاقة وترك ابنة وابناً ثم مات المعتق فالميراث لابن المولى ولا يكون للابنة شيء. والأصل فيه قوله