وقد حصلت الحرية بسبب آخر فتسقط الوسيلة فيسقط بدل الكتابة وفيه نوع إشكال فينبغي أن لا يسقط لأن هذا المعقود عليه عقد كتابة وصل إليها، ولهذا عتق أولادها معها وسلم لها أكسابها، فوجب أن يتأكد ما وجب عليها بالكتابة كما في سائر المعاوضات، والجواب أن الكتابة عقد معاوضة من وجه، وتعليق عتق بالأداء من وجه، فاعتبار معنى المعاوضة يوجب تأكد العمل لما وصل إليها ما هو المعقود عليه عقد الكتابة، واعتبار معنى التعليق بالشرط يوجب الانقسام متى وجد العتق قبل الأداء، إلا أن المعلق بالشرط متى وجد قبل الشرط ينفسخ التعليق، والعمل بالاعتبارين جميعاً في حقهما متعذر فاعتبر نابه المعاوضة في حق أم الولد حتى لا يبطل حقها في أولادها وأكسابها وأمرها من جهة المولى ونسبة التعليق في حق المولى، فقسمنا الكتابة بالإعتاق في حق المولى لأن الفسخ جاء من جهته ليكون عملاً بالشبهين بقدر الإمكان.

قال محمد رحمه الله في «الجامع الصغير» في مكاتب أدى إلى مولاه من الصدقات التي أخذها من الناس ثم عجز وصار ذلك للمولى فهو طيب للمولى، واختلفت عبارة المشايخ رحمهم الله في تخريج المسألة، بعضهم قالوا لأنه تبدل الملك فإن الصدقة كانت ملكاً للمكاتب يداً وتصرفاً ولم يكن ملك المولى ظاهراً فيه، وبالأداء صارت للمولى فيه يد الملك وبدل الملك بمنزلة تبدل العين فصار كعين آخر.

والأصل في ذلك ما روي أن بريرة كانت تهدي إلى الرسول صلى الله عليه وسلّموهي مكاتبة ما كان يتصدق به عليها، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلّميقبل هديتها ويأكل وكان يقول «لها هي صدقة ولنا هدية» فقد جعل تبدل الملك بمنزلة تبدل العين فعلى قول هذا التعليل إذا أباح الفقير..... غير ما أخذ من مال الزكاة من الطعام لا يحل له لأن الملك لم يتبدل حتى يجعل ذلك بمنزلة تبدل العين.

وبعضهم قالوا: لأن الصدقة حين وقعت لا..... فصحت، فصارت لله تعالى، لأن الصدقة إخراج المال إلى الله تعالى على ما عرف من موضعه ثم صارت ملكاً للفقير من الله تعالى قضاء لحقه بالرزق الموعود، وإذا صارت ملكاً للفقير من الله تعالى يرزقه تجدد للفقير سبب ملك بعد ما صارت صدقة، وصارت لله تعالى فأخص ذلك تبدل العين حكماً.

فعلى فرد هذا التعليل: الفقر إذا أباح للمعين عين ما أخذ من مال الزكاة من الطعام يحل؛ لأنه تبدل العين حكماً، وإليه مال الشيخ الإمام الأجل شيخ الإسلام المعروف بخواهر زاده رحمه الله، هذا إذا عجز المكاتب بعد ما أدى ما أخذ من الصدقات إلى المولى.

وأما إذا عجز والصدقات قائمة في يد المكاتب لم يردها إلى المولى هل يحل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015