النسب من الأجنبي؛ ولأنه كما صدق المولى في ذلك فقد ثبت الوطء من المولى بتصادقهما، وبعدما ثبت الوطء بتصادقهما تصح الدعوى من المولى ويثبت النسب منه؛ لأنه صار مغروراً لما نبين بعد هذا إن شاء الله تعالى.
وولد المغرور ثابت النسب منه وعن هذا قال بعض أصحابنا رحمهم الله. إذا كان الوطء ظاهراً من المولى جازت دعوته صدقه المكاتب في ذلك أو كذبه وكان الولد حراً بالقيمة يغرم المولى قيمة الولد للمكاتب ويغرم عقرها للمكاتب أيضاً.
فرق بينه وبين الأب إذا ادعى نسب ولد جارية، فإنه لا يغرم قيمته الولد ولا يغرم العقر إلا رواية رواها ابن سماعة أن أخر ما استقر عليه قول أبي يوسف رحمه الله: أن الأب يضمن قيمة الولد ويضمن العقر كما في المكاتب لمعنى جامع وهو الغرور؛ فإن الأب صار مغروراً في هذا الاستيلاد لاعتماده ذلك دليل الملك وهو ظاهر قوله عليه السلام: «أنت ومالك لأبيك» كما أن المولى صار مغروراً لاعتماده دليل الملك في المكاتب وهو ملك الرقبة.
وحكم المغرور ما ذكرنا أصله: إذا اشترى جارية واستولدها (345أ1) فاستحقت من يده، ووجه الفرق على ظاهر الرواية: وهو أنه ليس للأب في جارية الابن ما يكفي إثبات..... من حقيقة الملك أو حق الملك أو وكيل الملك..... أي دليل الملك إنما الثابت مجرد تأويل باعتبار ظاهر الإضافة وإنه يكفي لإسقاط الحد، أما لا يكفي لإثبات النسب فلا بد من إثبات الملك في الجارية ليثبت النسب ولا ملك بدون التملك فيثبت التملك مقتضى الاستيلاد سابقاً عليه شرطاً لصحته فتبين أنه وطىء ملك نفسه ففي وطء ملك نفسه فالولد تعلق حر الأصل من غير قيمته ولا يلزمه عقر الجارية فأما المولى، فإنه في جارية المكاتب ما يكفي إثبات النسب وهو حق الملك وقد ظهر ذلك الحق بتصدق المكاتب فلا حاجة إلى إثبات التملك مقتضى الاستيلاد سابقاً عليه بل بقيت الجارية على ملك المكاتب فكان واطئاً ملك المكاتب معتمداً على وجود نسبة الملك ظاناً أنها ملكه، وحكم المغرور ما ذكرنا وتصير الجارية أم ولد للمولى في الحال إلا رواية رواها ابن سماعة عن أبي يوسف رحمه الله، بخلاف الأب إذا استولد جارية ابنه، فإنها تصير أم ولد له.
والفرق على ظاهر الرواية ما ذكرنا أن الأب يملك الجارية بمقتضى الاستيلاد سابقاً عليه فتبين أنه استولد ملك نفسه فتصير أم ولد له، ولا كذلك المولى، فإنه لا يملك الجارية بل بقيت على ملك المكاتب فلهذا لا تصير أم ولد له للحال وليس من ضرورة ثبات النسب ثبوت أمية الولد للحال.
ألا ترى أن النسب يثبت في فصل الغرور والشبهة والنكاح ولا يثبت أمية الولد للحال. قال: ويعتبر قيمة الولد يوم الولادة، فرق بينه وبين ولد المغرور تعتبر القيمة يوم الخصومة.