ذكرنا أن الغائب في حقه لا يجب عليه بمنزلة المحلوف بعتقه كأن المولى علق عتقه بأداء الحاضر ألف درهم، ولو قال المولى هكذا فمات الحاضر فإنه لا يطالب بأداء ألف درهم فكذلك هذا. وأما يكون رقيقاً لأنه إذا لم يخبر الغائب على الأداء صار الحاضر مبتاعاً حراً فتنفسخ الكتابة في حقه، وإذا انفسخ في حقه ينفسخ في حق الغائب كما لو كانا حاضرين فقبلا ومات أحدهما ثم عجز الآخر، وإن حضر الغائب ورضي لا يكون للمولى عليه سبيل ولا يلزمه المال لما ذكرنا أن في حق ما عليه بمنزلة المحلوف بعتقه، وإن أدى الغائب المال يجبر المولى على القبول استحساناً، ويحكم بعتقهما كما ذكرنا أن الكتابة نافذة على الغائب فيما له وأن يخبر المولى على قبول المال منه حتى يحكم بعتقهما أمراً له، فلهذا يجبر على القبول، إلا أنه يقبل المال منه حالاً، ولا يمكن من السعاية على نحو الحاضر ولا يثبت الأجل في حقه، وإن كان الأجل له، لأن الأجل لتأخير المطالبة ولا مطالبة على الغائب فلا يثبت الأجل في حقه.

وإن كانا حيين وأراد المولى أن يبيع الغائب فليس له ذلك استحساناً لما ذكرنا أن الكتابة نافذة على الغائب فيما له وأن لا يجوز بيع الغائب (343أ1) بفساد الكتابة في حق الغائب في حق حرمة بيعه ولو لم يكن شيء من ذلك، واكتسب الغائب أكساباً، فأراد المولى أخذها لم يكن له ذلك استحساناً، وكذلك لو أراد الحاضر أخذها لم يكن له ذلك استحساناً، لأن على جواب الاستحسان على أحد الوجهين الكتابة نافذة في حق الغائب فيما ينفعه وأن لا يكون لآخر حق مكاتبة الغائب تقع في حق الغائب فتعتبر الكتابة نافذة في حق الغائب في حق هذا الحكم.

ولو قال الغائب: رددت الكتابة ولا أرضى بها ورضي المولى برده لم يلتفت إلى ذلك، لأن على أحد الوجهين الغائب بمنزلة المحلوف بعتقه والحلف لا يقبل الرد.

وإن وهب المولى المكاتبة للحاضر عتقا لأنه لا يملك ما في ذمته بالهبة فيعتبر بما لو ملك ما في ذمته بأداء مثله. وهناك الجواب كما قلنا، فهاهنا كذلك ويجعل الكتابة في حق الغائب في حق هذا الحكم بمنزلة تعليق عتق الغائب، بل جعلنا الكتابة نافذة في حق الغائب في حق هذا الحكم وهو حصول العتق بهبة بدل الكتابة للحاضر وجعل الغائب تبعاً للحاضر فيه.

وإن وهب المولى المكاتبة للغائب فهبته باطلة لأنه لا شيء على الغائب من المكاتبة وكان هذا تمليك الدين من غير من عليه الدين، وذلك لا يجوز وتعينت المكاتبة على الحاضر لأنه ما وهبها منه. وإن أعتق المولى العبد الحاضر عتق وبطل حصته من المكاتبة وأخذ الغائب بحصته من المكاتبة حالة. قال محمد رحمه الله في «الجامع الصغير» في أمة كوتبت على نفسها وعلى ابنين لها صغيرين فهو جائز ولهم إذا عتقوا ولم يرجع المولى على صاحبه بشيء، وفي «الأصل» يقول: إذا كاتب الرجل عبداً له على نفسه وولده الصغار بألف درهم مكاتبة واحدة وجعل النجوم واحدة، فإذا أداها عتقوا، وإن عجزوا وردوا في الرق جاز ذلك وتنعقد الكتابة على الأب بما بحصته وتقف في حق الصغيرين إن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015