هذا العدد من الدين بخلاف ما قبل الإجازة، وإن تبين أن بدل الكتابة كان واجباً إلا أن الضمان ببدل الكتابة باطل فهو إنما أدى على ضمان فاسد، فكان له حق الرجوع فكانت المكاتبه على العبد على حالها لأن المؤدي لما استرد من المولى انتقض قبض المولى فصار كأن (342ب1) المولى لم يقبض منه شيئاً حتى أجاز العبد الكتابة.
ولو كان كذلك كان جمع المكاتبه على العبد على حالها، كذا هاهنا. وإذا كاتب الرجل عبده على نفسه وعلى عبد آخر له غائب بغير إذن الغائب وأدى عتقا أيضاً ولم يرجع واحد منهما على صاحبه إذا أدى شيئاً. كذا ذكر المسألة في «الجامعين» وذكر هذه المسألة في «الأصل» وذكر فيها القياس والاستحسان، فقال: القياس أن تتوقف الكتابة في حق الغائب بما يخصه، وينفذ في حق الحاضر بما يخصه من بدل الكتابه.
وفي الاستحسان تنفذ الكتابة في حق الحاضر بجميع الألف ويتعلق عتق الغائب بأدائه كأن قال للغائب: كاتبتك على ألف درهم على أنك أديت إلى غائب حر وفلان الغائب معك. فيقول: لا بد لمعرفة هذه المسألة من مسألة أخرى لم يذكرها هنا، وهو ما إذا كان العبدان حاضران فكاتبهما المولى على ألف درهم فقبلا، القياس أن يصير كل واحد منهما مكاتباً بحصته يعتق إذا أدى حصته، وبالقياس أخذ زفر رحمه الله، وفي الاستحسان يصير كل واحد منهما مكاتباً بجميع الألف، ويتعلق عتق الآخر بأداءه ويصيران في حق المولى بمنزلة عبدٍ واحد.
وجه القياس في ذلك هو أن الكتابة معاوضه وتعليق إلا أن التعليق بيع المعاوضة، ولهذا بقي قابلاً للفسخ فإذا كان بيعاً كانت العبرة للمعاوضة لا للتعليق، فصار من حيث التدبير كأنه معاوضة في كل وجه، وفي المعاوضة المحضة إنما ينعقد العقد على كل واحد منهما بحصته، لا بجميع الألف، كمن باع عبداً من رجلين فإنه ينعقد البيع في حق كل واحد منهما بحصته حتى لم يكن للبائع أن يطالب أحدهما بجميع الألف إذا لم يكن الشرط كفالة كل واحد منهما عن صاحبه، فكذلك هذا، دليله ما لو نص فقال: كاتبتكما بألف درهم على أن يعتق كل واحد منهما بأداء خمسمئة، وجه الإستحسان في الكتابة شيئان معاوضة وتعليق العتق بأداء العوض، فاعتبار معنى المعاوضة إن كان يوجب الانقسام وتعلق عتق كل واحد منهما بأداء حصته، كما لو نص على التعليق فقال: إن أديتما ألفاً فأنتما حران لا يعتق واحد منهما بأداء حصته وباعتبار كلا الأمرين في حق المولى والعبدين متعدد، فيعتبر معنى التعليق في جانب المولى فلا يثبت الانقسام في حقه وتعتبر المعاوضة في جانبهما ونفيا الانقسام فيما بينهما اعتباراً للمعنيين بقدر الإمكان، وإذا لم يثبت الانقسام في حق المولى اعتباراً لجانب التعليق وتعلق عتق كل واحد منهما بأداء جميع الألف لا بأداء حصته، وصار العبدان حكماً بمنزلة عبد واحد في حق المولى، لما لم يثبت الانقسام في حقه وفي حق ما بينهما مكاتباً في ما بحصته، وإذا لم يثبت الانقسام في هذه المسألة في حق ما بينهما وبين المولى صار الجواب فيه كالجواب فيما إذا قال: على أنكما إن أديتما عتقتما، وإن عجزتما رددتما في الرق.