يوسف رحمه الله أن تزويج الأمة من عبده اكتساب مال من غير ضرر يلحقه فيكون جائزاً كتزويج الأمة.
وإنما قلنا أنه اكتساب مال لأنه اكتساب للولد من غير زيادة ضرر يلحقه وذلك لأن المهر لا يجب على المولى، ونفقتها كان عليه قبل النكاح فليس في هذا النكاح زيادة ضرر لم يكن، وفيه اكتساب مال فيجوز. ووجه ما ذكر في ظاهر الرواية وهو أن الداخل تحت الكتابة تجارة واكتساب مال، وتزويج العبد الأمة ليس تجارة ولا اكتساب مال للحال، إنما يصير اكتساب مال إذا حصل الولد، والولد قد يحصل وقد لا يحصل فليس فيه اكتساب مال للحال، وفيه نوع ضر وذلك لأنه إنما يبيع الأمة فلا يبطل النكاح فيجب على العبد نفقتها وهي أمة الغير، فإن قيل بيعهما جملة حتى لا يلحقه هذا الضرر، قلنا في بيعهما جملة زيادة ضرر يلحقه.
وإذا أذن لعبده في التجارة جاز؛ لأنه لو كاتبه جاز فإن استدان العبد ديناً يلزمه لأن الإذن صح من المكاتب وما صح من المكاتب فالمكاتب في ذلك بمنزلة الحر فإن خالف ما يطلقه العبد بالدين يباع بالدين إلا أن يؤدي عنه المولى؛ لأن ما صح من المكاتب فيه بمنزلة الحر فإن أدى المكاتب دينه حتى لا يباع العبد بدينه إن كان ما أدى مثل قيمته فإنه لا شك إنه يجوز عندهم جميعاً وذلك لأن العبد بعد لحوق الدين صار مستحقاً للغرماء فالمولى بالفداء صار كالمشتري منهم وشراء المكاتب بمثل قيمته جائز بلا خلاف فكذلك هنا.
فأما إن كان ما فدى عن العبد أكثر من قيمته، إن كانت الزيادة على القيمة زيادة يتغابن الناس في مثلها جاز بلا خلاف. كما لو اشترى فأما إذا كانت الزيادة على قيمة العبد بحيث لا يتغابن الناس في مثلها أشار في «الأصل» إلى أنه يجوز، لأنه لم يفصل بين ما إذا كانت الزيادة على القيمة زيادة يتغابن الناس فيها أو لا يتغابن، فمن مشايخنا من قال ما ذكر في الكتاب قولهم جميعاً، وذلك لأن العبد صار كالمرهون يدين الغرماء ولو كان مرهوناً بدين المكاتب ثم إنه امتلك الرهن بقضاء الدين جاز، فإن كان ما أدى أكثر من قيمته فكذلك هذا. ومنهم من قال ما ذكر في «الكتاب» قول أبي حنيفة رحمه الله.
فأما على قولهما لا يجوز لأنه صار كالمشتري لهذا العبد بقضاء الدين ولو اشترى بغبن فاحش كانت المسألة على الاختلاف على ما يأتي بيانه بعد هذا إن شاء الله تعالى.
فكذلك هذا بخلاف الرهن لأن الزيادة على القيمة كان واجباً على المكاتب لا يمكنه التخلص عنه إلا بالقضاء.
فأما هاهنا الدين ليس على المكاتب إنما الدين على العبد، ويمكنه التخلص عن الزيادة فيتبع هذا العبد فإذا التزم كان بمعنى الشراء يغبن فاحش لا بمعنى افتكاك الرهن، ولا يجوز هبة المكاتب وصدقته وكفارته؛ لأن هذه التصرفات لم تدخل تحت الكتابة فالحال فيه بعد الكتابة كالحال قبله، وشراؤه وبيعه حياته لأنه تجارة والتجارة داخلة تحت الكتابة، وما دخل تحت الكتابة كان المكاتب في ذلك بمنزلة الحر وإن حابى في ذلك محاباة، إن كانت يسيره بحيث يتعامل الناس في مثله جاز عندهم جميعاً؛ لأن هذا يجوز