الوجه لو وجد المشتري بالمشترى عَيْبَاً قبل القبض، وهناك ينفرد المشتري بالفسخ ولا يحتاج فيه إلى قضاء القاضي فهاهنا كذلك.
وجه الرواية الأخرى: أن هذا عيب تمكن في أحد العوضين بعد القبض؛ لأن المكاتب يعقد الكتابة فصار في يده، فأشبه من هذا الوجه ما لو وجد المشتري بالمشترى عيباً بعد القبض، وهناك المشتري لا ينفرد بالفسخ كذا هاهنا.f
وإن أراد المكاتب أن يعجز عن نفسه فقال المولى: لا أعجزك هل تنفسخ الكتابة؟ روي عن الفقيه أبي بكر البلخي رحمه الله أنه قال: سمعت أبا نصر محمد بن محمد بن سلمة عن ابنه محمد بن سلمه أنه قال: إذا رأى المولى أن يعجزه فله ذلك ولا تنفسخ الكتابة بتعجيزه، وكان يقول المولى يقول له: إذا أعجزتك على أن أستكسبك وأشغلك بالكسب فلي أن لا أعجزك واستكسبك فيكون الكسب لي، ولذلك قال الفقيه أبو بكر البلخي رحمه الله: وإنه خلاف ما ذكر أصحابنا رحمهم الله في كتبهم فإنهم قالوا: للعبد أن يعجز نفسه، وذلك لأن النفقة بعد التعجيز وفسخ الكتابة تكون على المولى، وكذلك جنايته على المولى، وفي حالة الكتابة كل ذلك على العبد.
وللعبد أن يعجز نفسه ويفسخ الكتابة حتى يلزمه ذلك.
فالحاصل: أن الكتابة في جانب المكاتب على قول محمد بن سلمة لازمة، وعلى ما يقوله أصحابنا رحمهم الله في كتبهم غير لازمة وإن كانت الكتابة مؤجلة منجمة فكسب المكاتب نجماً واحداً قال أبو حنيفة ومحمد رحمهما الله: يرد في الرق، وقال أبو يوسف رحمه الله: لا يردّ في الرق ما لم يكسب نجمين. فوجه قول أبي يوسف رحمه الله: أن النجم الثاني جعل وقتاً لأداء ما وجب بالأول فلا يتم عجزه عن النجم الأول إلا بالثاني، ولهما ذكرنا من وجهين: أنه تمكن الخلل في المعقود عليه، وأن هذا معنى العيب، ومعنى آخر: أن النجم الأول لما مضى صار ذلك القدر حالاً فلا يوجد ثانياً بعد حلوله وفي التأخير إلى الثاني تأجيل له إلا أنه يوجد يومين أو ثلاثة إذا كان له مال حاضر أو غائب يرجى قدومه، ثم إذا كبر نجماً أو نجمين يرد في الرق وإن لم يشترط المولى ذلك العقد، لأن الفسخ والرد في الرق عند العجز من قضية عقد الكتابة شرعاً لما ذكرنا، وما يقتضيه العقد شرعاً يثبت من غير شرط.
قال: رجل كاتب عبدين له مكاتبة واحدةً ثم إن أحدهما عجز ورده المولى أو قدمه إلى القاضي ورده القاضي ولا يعلم القاضي بمكاتبة الآخر معه فإنه يصح ردّه، وذلك لأن العبدين في حق المولى جعلا كعبد واحد على ما يأتي من حيث الحكم؛ لأن الانقسام في حقه غير ثابت كما في العبد الواحد على ما يأتي بيانه بعد هذا.
ولو كان العبد واحداً يفسخ المولى أو القاضي الكتابة في نصفه أو في كلّه حالة القدرة على الآن فإنه يكون الرد باطلاً؛ لأن شرط الرد إذا لم يوجد الرضا من العبد يفسخ الكتابة بالعجز عن أداء بدل الكتابة، ولا يتحقق عجز هذا (339ب1) ما دام الآخر قادراً لأنه يعتق بأدائه، ولهذا قلنا: لو مات أحدهما عاجزاً، فإن الكتابة لا تنفسخ؛ لأن القدرة