والدنانير مما لا يتعينان بالتعيين في عقود المعاوضات عندنا، حتى لا يتعلق العقد بعين ما أضيف إليه، وإنما يتعلق بمثله ديناً في الذمة، وإذا لم يتعينا بالتعيين. صار وجود هذا التعيين وعدمه بمنزلة.
ولو عُدم التعيين بأن قال: كاتبتك على ألف درهم جاز، فكذا إذا وجد ولم يكن لها غيره، فإن أدى إليه تلك الألف بعينها لا شك أنه يعتق، وإن أدى ألفاً غيرها فكذلك.
فرق بين هذا وبينما إذا قال لعبده: إن أديت إليّ ألف فلان هذه فأنت حر، فأدى غيرها فإنه لا يعتق وفي الكتابة تعليق عتق، كما في قوله: إن أديت إليَّ ألفاً فأنت حر، والفرق ما ذكرنا أن التعليق في باب الكتابة ثابت بالمعاوضة فيتعلق الأداء بما هو عوض، والتعيين هاهنا دخل على ما هو عوض.
والتعيين متى دخل على العوض وهي الدراهم أو الدنانير كان التعيين لغواً كما في سائر المعاوضات، وإذا أُلغي صار هذا التعيين وعدمه بمنزلة، فأما التعليق بقوله: إن أديت إليّ ألفاً فأنت (....) في المعاوضة؛ لأن هذا ينعقد يميناً للحال، والتعيين دخل هاهنا على الشرط لا على العوض. والتعيين إذا دخل على الشرط يكون معتبراً.
قال: وإذا كاتب المسلم عبده على خمر أو خنزير فالكتابة فاسدة؛ لأن لخمر والخنزير كل واحد منهما ليس بمال متقوم في حق المسلم. وتسمية ما ليس بمال متقوم في عقد يحتاج فيه إلى التسليم يوجب فساد العقد كالبيع. فإن أدى ذلك قبل أن يترافعا إلى القاضي عتق، وعليه قيمة نفسه؛ لأن الكتابة قد فسدت، والمعقود عليه في العقود الفاسدة مضمون بالقيمة.
وذكر في اختلاف زفر ويعقوب أن عند زفر رحمه الله لا يتعلق إلا بأداء قيمة نفسه؛ لأن البدل في الكتابة الفاسدة هي القيمة، وإنما يعتق المكاتب بأداء البدل. وعند أبي يوسف رحمه الله أدى المشروط أو قيمة نفسه فإنه يعتق؛ لأن البدل صورةً هو المشروط، والعتق يتعلق بأدائه، ومن حيث المعنى البدل هو القيمة فإن هو أدى يعتق.
وفي «المنتقى» : ابن سماعة عن محمد رحمه الله في الكتابة إذا كانت فاسدة بأن حصلت على ألف رطل من خمس أو على عبد لرجل أو ما أشبه ذلك. وأداء المكاتب إلى المولى ما شرط في عقد الكتابة عتق، ويسعى في تمام قيمته. قال: وقال أبو يوسف وأبي حنيفة رحمه الله أنه قال المولى في عقد الكتابة: إن أديت إليّ فأنت حر عتق عبده بالأداء، وعليه تمام قيمته.
وإذا لم يقل ذلك في عقد الكتابة لم يعتق. وقال أبو يوسف رحمه الله ينبغي أن في قول أبي حنيفة رحمه الله أنه إذا قال: إن أديت إليّ فأنت حر أنه إذا أدى عتق ولا شيء عليه.
وإن كاتب الرجل عليه وهو خياط أو صباغ على عبد مثله يعمل عمل القياس أن لا تصح هذه الكتابة. وفي الاستحسان: يصح. وجه القياس: أنه جعل بدل الكتابة ما لا