الجنس، فإنه لا يعتق العبد بأداء القيمة ولا تنعقد هذه الكتابة أصلاً لا على المسمى ولا على القيمة، وكذلك لو قال له: كاتبتك وسكت عن ذكر البدل، لا تنعقد الكتابة أصلاً عند علمائنا الثلاثة رحمهم الله.
وهذا لأن في الكتابة شأن معاوضة وتعليق عتق بأداء ما يصلح عوضاً واعتبار معنى المعاوضة إن كان يوجب انعقادها على القيمة، وإن لم تكن القيمة ملفوظاً بها كما في البيع الفاسد، فمعنى التعليق يمنع انعقادها على القيمة إذا لم تكن القيمة ملفوظاً بها لأن التعليق بالشرط لا يثبت في موضع ما مر غير لفظ فإن أدى حد الشرط أن يكون ملفوظاً بها فاعتبار أحد المعنيين يوجب الانعقاد والآخر يمنع، والانعقاد لم يكن ثابتاً فلا يثبت بالشك، بخلاف البيع لأن البيع معاوضة من كل وجه، والعوض مما يثبت في المعاوضات من غير شرط كما في الغصب، وكما لو أكل طعام غيره حالة المخمصة.
فأما شرط العتق في موضع لا يثبت من غير لفظ متى كان ليثبت التعليق واللفظ، ولا يقال على هذا بأن التعليق في باب الكتابة يثبت تبعاً للمعاوضة، ولهذا قبل الفسخ فلا يشترط لصحة شرائط التعليق، ولو كان التعليق يثبت نصاً، لأنا نقول: لا يسلم بأن التعليق في الكتابة بيع، وهذا لأن تعليق العتق بأداء ما يصلح عوضاً من حكم الكتابة لأن الحكم الكتابة للحال حرية اليد، وفي الثاني: تعلق عتقه بأداء العوض، وإذا كان تعلق العتق بأداء العوض من حكم الكتابة ثابتاً مقصوداً لا بيعاً، ألا ترى أن ملك المشتري لما كان حكماً للمشتري لأن الشراء موضع الملك المشترى كان ملك المشتري ثابتاً بالشراء مقصوداً، فكذلك الكتابة موضوعة لإثبات حرية اليد للحال ولتعلق حرية الرقبه بالأداء في الثاني فيكون التعليق ثابتاً بالكتابة مقصوداً لا بيعاً، ولهذا لم ينفك عقد الكتابة عن هذا الحكم كما لم ينفك عن إثبات حرية اليد.
وذكر شمس الأئمة السرخسي رحمه الله في «شرح كتاب المكاتب» : أن المسمى في الكتابة إذا لم يكن مالاً متقوماً، لا تنعقد الكتابة أصلاً كما إذا كاتبهما على حكمه أو حكم العبد (338ب1) .
فإن حكمه قد يكون بغير المال، أو كاتبها على ميتة لا تنعقد الكتابة أصلاً على المسمى ولا على القيمة فلا يعتق بأداء القيمة. وإذا كان المسمى في الكتابة مالاً متقوماً إلا أنه مجهول الجنس أو القدر ينعقد العقد على القيمة، ويعتق بأداء قيمته.
وفي «المنتقى» رواية إبراهيم عن محمد رحمه الله: إذا كانت عنده خمسة أثواب يهودية جاز، وله خمسة أثواب فيهما، وإن جاءت بقيمتها أجبر المولى على الآخذ، وإن كان قد سمى رفعها وجنسها وطولها وعرضها وأصلها لم يجبر على قبول القيمة؛ لأن بذكر الأخذ صار في معنى التسليم.
وفيه أيضاً: إذا كاتب عبداً له على وصف ولم يسمِّ له قيمة فهو جائز، ويؤخذ قيمة أعلى الوصف، أو أوسطها، أو أوكسها فيعطى له ثلث الجملة، ولو أدى الأعلى من الوصف أو الوسط قُبل منه ولو أدى الأوكس لا يجوز إلا أن يتجوز به المولى.