بيان هذا الأصل ما ذكر في «الزيادات» : رجل قال لعبده: كاتبتك على عبد فقبل، جازت الكتابة لأن الكتابة معاوضة المال بما ليس بمال وقد ذكرنا أن جهالة وصف البدل في مبادلة المال بما ليس بما لا يمنع (338أ) صحة التسمية، قال: ينصرف إلى العبد الوسط، لأنه إذا صحت التسمية وجب العبد ديناً في الذمة، والأصل في الحيوان المجهول إذا ثبت ديناً في الذمة، أنه ينصرف إلى الوصف كما في الزكاة والوصية والدية، والمعنى أن في صرفه إلى الوسط عمل بالوصفين، لأن الوسط بين الجيد والرديء نظر للجانين، والوسط عند أبي حنيفة رحمه الله قيمته أربعون ديناراً، وقال أبو يوسف ومحمد رحمهما الله على قدر غلاء السعر والرخص والمسألة معروفة. قال: ولا ينظر في قيمة الوسط إلى قيمة المكاتب، لأن عقد الكتابة عقد إرفاق، فالظاهر أن يكون البدل على أقل من قيمته فقد جعل العبد هاهنا جنساً واحداً.
وقد ذكر في كتاب الوكالة: فيما إذا وكل رجلاً بشراء عبد وجعله أجناساً مختلفة وكأنه عمل بالشبيهين فألحقه بالجنس الواحد إذا سمي في عقد هو معاوضة المال بما ليس بمال، والأجناس المختلفة إذا سمى في عقد هو معاوضة المال بالمال.
وكذلك لو كاتبه على حنطة أو شعيرة وسمى مقداراً معلوماً إن وصف ذلك بصفة بأن شرط الجيد أو الرديء أو الوسط لما ذكرنا في العبد. ولو كاتبه على ثوب ولم يبين هروياً أو مروياً كانت التسمية فاسدة، لأن الثياب أجناس مختلفة، ولهذا لو وكل رجلاً بأن يشتري له ثوباً لا يجوز.
ولو كاتبه على درهم فقبله العبد كانت التسمية فاسدة لأن المسمى مجهول القدر جهالة متفاحشة لاوسط القدر هاهنا حتى ينصرف إليه.
والصرف إلى الأقل والأكثر متعذر، لأن الإيجاب قيمة المبدل ممكن، لأن العبد متقوم في نفسه والأصل في الأشياء قيمتها وإنما يعدل عنها عند التسمية، ولم تصح التسمية، فبقي حكم الأصل فهو معنى قولنا يقدر الصرف إلى الأقل والأكثر فيبقى مجهول القدر جهالة متفاحشة، وجهالة القدر نظير جهالة الجنس وجهالة الجنس مانعة لصحت التسمية في العقود كلها.
قال في «الأصل» في مسألة الثوب وإذا حدث فسدت الكتابة فإذا أدى إلى المولى ثوباً لا يعتق، ولو كاتبه على قيمتها كانت الكتابة فاسدة، لأن البدل مجهول القدر، لأن القيمة إنما تعرف بالحزر والظن، فرب مقوم يقومه بألف، ورب مقوم يقومه بألف إلا عشرة، وإذا كانت القيمة تحتمله لهذه المقادير فإذا كاتبه على قيمته فكأنه كاتبه على آخر هذه المقادير، وهناك تعذرت الكتابة بجهالة البدل كذا هاهنا.
فرق بين هذا وبينما إذا كاتبه على عبد فإنه يجوز، وإذا كانت تجب بهذه التسمية قيمة عبد وسط، ولهذا لو أتى بقيمة العبد يجبر المولى على القبول وهي بجهالة القدر، والفرق أن القيمة بتسمية العبد تجب حكماً لا قصداً فإنه نص على تسميته العبد، وهاهنا قيمته القيمة تثبت قصداً، فإنه نص على تسمية القيمة فكانت مقصودة، وقد ثبت الشيء