لله عليّ أن أعتق عبداً، فأعتق عبداً آبقاً قال لا يجوز كما لا يجوز في الأعمى قال الفقيه: في قياس قول علمائنا رحمهم الله يجوز، ذكره في كتاب جعل الآبق إذا أعتق عبداً آبقاً عن كفارته لا يجوز إن كان حياً وقت الإعتاق.
وسئل إبراهيم بن يوسف عن عبد أجبر مولاه في موضع خال، وقال: إن أنت أعتقني وإلا قتلتك فأعتقه مخافة القتل قال يعتق، ويسعى (في) قيمته. إذا قال الرجل لغيره: أعتق عبدك هذا بألف درهم، فأعتقه لا يجب على الآمر شيء؛ لأن هذا كلام محتمل يحتمل عن نفسك (337ب1) . ويحتمل عني فلا يقع عن الأمر بالشك، وإذا لم يقع العتق عن الآمر لا يجب عليه المال.
ولو قال: أعتق عبدك عني بألف درهم فأعتق، فإنه يعتق عن الآمر ويلزمه المال عن الآمراستحساناً. ولو قال: كاتب عبدك عني بألف درهم، فكاتب لا تقع الكتابة عن الآمر، والوجه في ذلك أن العتق والكتابة يعتمدان الملك، وفي فصل العتق أمكن إثبات الملك مقتضياً الإعتاق تبعاً له لأن العتق أقوى من الملك، ألا ترى أن الملك من ثبوته يحتمل البعض والرفع، والعتق لا يحتمل ذلك، فأما الملك والكتابة مستويان من حيث إن كل واحد يقبل القبض، وللملك زيادة قوة من حيث إنه يملك بحقيقة الملك من التبرعات ما لا يملك بالكتابة، فكان الملك أقوى فلا يمكن إثباته تبعاً للكتابة.
ولو قال: أعتق عبدك على ألف علي فأعتق، يلزمه المال ويقع الملك العتق عنه، ويدرج قوله عني لأن قوله على ألف درهم علي يدل عليه، فإن المال لا يلزمه لو لم يقع العتق عنه.
ولو قال: أعتق عبدك عن نفسك بألف علي فأعتق لا يلزمه المال؛ لأن العتقد ههنا لا يقع عن الأمر وبدونه لا يلزمه المال، والطلاق في هذا يخالف العتاق، فإن من قال لغيره: طلق امرأتك بألف عليّ فإنه يصح، وقوله طلق امرأتك بألف علي بمنزلة قوله: طلق عن نفسك، لأنه لا يتصور أن يكون الطلاق واقعاً عن الأمر، فإن من قال لغيره: طلق امرأتك عني فطلق، يقع الطلاق عن المأمور دون الآمر، ثم قال في الطلاق يلزمه المال، وفي العتاق قال: لا يلزمه المال.
وكذلك إذا قال أعتق عبدك على ألف درهم أضمنها لك ففعل، لم يكن العتق عن الآمر. إذا قال الرجل لغيره: أعتق عبدك عن ولدي الصغير بألف درهم فأعتقه المأمور، فإن العتق يقع عن المأمور وتكون الولاية (له) لأن الآمر بالإعتاق عن الصغير من الأب لا يصح، فالتحق هذا الأمر بالعدم فصار صاحب العبد معتقاً عبده عن الصغير بغير أمر أحد فيقع عنه.
ولو كان للصبي عبد فقال رجل لأبيه: أعتق عبد ابنك هذا عني على ألف درهم فأعتقه الأب يقع العتق عن الآمر وعليه ألف درهم للصبي يقبضها الأب منه لأنه طلب من الأب يقع هذا العبد منه بألف درهم، والإعتاق عنه والأب يملك ذلك فإنه يملك بيع عبد ابنه الصغير من الأجنبي ويملك إعتاقه عن الأجنبي فيصح الأمر به، ويقع العتق عن الآمر وفي طلاق «المنتقى» عن أبي يوسف رحمه الله إذا قال لعبده: أنت حر أمس، وقد اشتراه اليوم إنه يعتق. قال: ولا يشبه هذا الطلاق، قال: وصار تقدير مسألة العتاق كأنه قال: أنت حر الأصل، والله أعلم بالصواب وتم كتاب العتاق بعون الله وحسن توفيقه.