وضع قابل للتخصيص، فيعود إلى موضعه عنها بالنقض، وإنه لا يجوز، وهذه الضرورة تندفع متى صححنا نية التخصيص باعتبار الأوصاف الأصلية التي لا يخلو المسمى عنهافي أصل الخلقة، فبقي التخصيص باعتبار الأوصاف العارضية على أصل القياس.

إذا ثبت هذا فنقول الذكورة والأنوثة من الصفات الأصلية وأما التدبير من الصفات العارضية وعلى قول ما ذكر ما يجب أن يصح فيه التخصيص في السواد والبياض لأن السواد والبياض من الأوصاف الأصلية التي لا يخلو المسمى عنها في أصل الخلقة وعلى قياس ما روي عن محمد رحمه الله في غير رواية الأصول أنه لا يصح نية التخصيص في السواد والبياض يجب أن لا تصح نية التخصيص في الذكورة والأنوثة فيصير في تصحيح نية التخصيص باعتبار الوصف الأصلي روايتان.

وإذا قال الرجل لعبيده: أنتم أحرار إلا فلان كان فلان عبداً وعتق من سواه؛ لأن الكلام المقيد بالاستثناء تكلم بما وراء الثنيا، وكذلك لو قال لعبدين له: أنتما حران إلا سالماً، واسم أحدهما سالم صح الاستثناء حتى كان سالم عبداً لما قلنا، ثم الأصل أن استثناء البعض من الكل صحيح واستثناء الكل من الكل باطل، وهذا لما ذكرنا: أن الكلام المقيد بالاستثناء تكلم بما وراء المستثنى لا بد وأن يبقى بعد الاستثناء شيء ليتحقق التكلم بما وراءه.

إذا ثبت هذا فنقول: خرجت المسألتان؛ لأنه استثناء البعض عن الجملة فيها وقال: سالم حر ومرزوق حر إلا سالماً عتقاد بطل الاستثناء؛ لأنه تكلم بكلامين كل واحد منها تام، ومستقل بنفسه حيث ذكر بكل كلام خبراً فلا يصير أحدهما مضموماً إلى الآخر بل يبقى كل واحد منفرداً، كأنه ليس معه غيره وكان قوله إلا سالماً متأولاً يجتمع ما تناوله أحد كلاميه، وكان باطلاً كأنه قال سالم حر إلا سالماً وهذا بخلاف قوله سالم ومرزوق حران إلا سالماً؛ لأن هناك الكلام الأول ناقص لأنه لم يذكر له خبراً فيصير مضموماً إلى الثاني ويصير الكل كلاماً واحداً، وكان قوله: إلا سالماً استثناء البعض من الجملة فصح.

وإذا دعى الرجل عبداً له يقال له سالم فأجابه عبد آخر له يقال له مرزوق فقال: أنت حر عتق مرزوق؛ لأنه أتبع الإيقاع الجواب فينصرف إلى المجيب فإن قال: عنيت سالماً عتق سالم بنيته؛ لأن المنوي من محتملات كلامه ولكنه لا يصدق في حرف العتاق وغير مرزوق قضاءً، ولو أشار إلى عبد له سالم فقال: يا سالم أنت حر فإذا هو مرزوق عبده إلا أنه لم يجبه مرزوق عتق سالم؛ لأنه أتبع الإيقاع النداء فيقع على المنادى ولو أشار إلى شخص ظن أنه سالم لما قلنا.

ولو أن رجلاً أعتق عبداً له أو جارية له ثم جحد العتق وأخذ من العبد غلته، أو استخدمه ووطىء الأمة ثم أقر بذلك العتق أو قامت عليه البينة، فإنه يرد على العبد ما أخذ من الغلة وضمن للجارية مهر مثلها ولا يضمن للعبد بسبب الخدمة شيئاً.

قال شمس الأئمة السرخسي رحمه الله في «شرحه» : ما ذكر من الجواب في الغلة، فذلك مستقيم فيما إذا كان العبد هو الذي أجر نفسه أو اكتسب (لأنه متى أنه كان حراً ما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015