لم يستبن شيء من خلقه لا تصير أم ولد، وهذا مذهبنا، وقال إبراهيم البلخي رحمه الله: تصير أم ولد في الفصلين جميعاً.

وفي «المنتقى» : قال أبو يوسف رحمه الله: وإذا أقر الرجل أن جاريته هذه قد أسقطت منه، فهذا إقرار أنها أم ولده، قال: إنما يقع اسم السقط على ما تبين خلقه، أما إذا لم يتبين خلقه فلا يسمى سقطاً؛ لأنه لا يدرى ما هو.

وإذا كان جارية الرجل حاملاً فأقر أن حملها منه فإنها تكون أم ولد له. وكذلك إذا قال الرجل: إن كانت أمتي حبلى فهو مني، ثم ولدت ولداً أو أسقطت سقطاً استبان خلقه، أو بعض خلقه وأقر به فإنها تصير أم ولد له إذا جاءت به لأقل من ستة أشهر، وإن أنكر المولى الولادة وشهدت عليه امرأة جاز ذلك ويثبت النسب وتصير الجارية أم ولده لا بشهادة القابلة، بل بإقرار المولى.

وفي «المنتقى» بشر عن ابن الوليد عن أبي يوسف رحمه الله: رجل قال لأمته: قد حملت مني حملاً أو قد حبلت مني بحمل، فلا تصير أم ولد له ولا يصدق بعد ذلك أنه كان ريحاً وكذلك لو صدقته الأمة أنه كان ريحاً لم تبطل مقالته الأولى، وهي بمنزلة أم الولد، وهذا بمنزلة الرجل أعتق أمته ثم قال: لم أعتقها وصدقته الأمة لم يبطل عتقها.

وفيه أيضاً: رجل أقر أن ما في بطن جاريته منه، أو قال: الذي في بطنها مني ولم يتبين ذلك إلى حبل ولا إلى ولد، ثم قال بعد ذلك إنها كانت ريحاً وصدقته الجارية فهي أمة تباع، وإن كذبته في مقالته الأخيرة وادعت أن ذلك كان حبلاً، وأنها قد أسقطت سقطاً مستبين الخلق فالقول قولها وهي أم ولد له؛ لأن هذه المقالة على وجهين: أوجههما أنه على الحبل إذا ادعته، ألا ترى أنها لو جاءت بولد بعد مقالته بشهر وامرأة تشهد على ولادته ثبت نسبه لم يكن له أن يبيعه، ولو لم (تكن) المقالة الأولى إقراراً بالحبل كان له أن يبيعه.

رجل أقر أن أمته حبلى ثم جاءت بولد لأكثر من سنتين، وشهدت امرأة على الولادة، وقالت الأمة: هذا الولد من ذلك الحبل وجحد المولى أن يكون هذا (من) ذلك الحبل فالأمة أم ولد له، ولا يثبت نسب الولد منه وهو بمنزلة أمته، وإن أقر المولى أنه ذلك الحبل وأنه منه وقد جاءت به بعد ذلك بعشر سنين فهو ابنه، وقوله من ذلك الحبل باطل، ولو شهد عليه شاهدان في أمته، فشهد أحدهما أنه قال: قد ولدت مني، وشهد الآخر أنه قال: هي حبلى مني فهي أم ولد، فقد أجمعا عليه، وكذلك لو شهد أحدهما أنه أقر أنها ولدت غلاماً وشهد الآخر أنه أقر أنها ولدت جارية.

وعتق أم الولد يعتبر من جميع المال، بخلاف عتق المدبر يعتبر من الثلث، وفي كل ذلك اتبعنا الأثر، والمعنى في ذلك أن التدبير إضافة العتق إلى ما بعد الموت بجزء إن جعلناه سبباً للحال لضرورة أنه لا يمكن اعتباره إعتاقاً بعد الموت، إلا أن المعتق تأخر إلى ما بعد الموت فكان المدبر مملوكاً للمولى من كل وجه وقت الموت، فيعتبر عتقه من الثلث بخلاف أم الولد؛ لأن الأصل في الاستيلاد أن يوجب العتق للحال لا نسيئة، وقد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015