وفي «الأصل» : إذا قال له أنت حر بعد موتي إن شئت، فإن المولى ينوي في ذلك؛ لأن قوله: إن شئت يجوز أن يكون المراد منه المشيئة في الحال، ويجوز أن يكون المراد منه المشيئة بعد الموت، فإن كان المراد منه الساعة صحت نيته؛ لأنه نوى ما يحتمله لفظه. وإذا قال العبد ساعتئذ شئت يصير مدبراً، ويصير تقدير المسألة: أنت حر بعد موتي إن شئت الساعة، وهناك إذا شاء الساعة يصير مدبراً؛ لأن بعد المشيئة يصير عتقه معلقاً بمطلق موت المولى، وإن كان أراد مشيئته بعد الموت صحت نيته أيضاً، وتكون له المشيئة بعد الموت، وكذا إذا لم يكن له نية. ويكون له المشيئة بعد الموت، لأنه لم يذكر للموت وقتاً من حيث التصرف ولا للمشيئة من وقت، فكأنه جعل وقتها بعد الموت؛ وأيهما ذكرت بعد الموت أولى. وإذا كان له المشيئة بعد الموت في هذين الفصلين ذكر أنه لا يكون مدبراً؛ لأنه ما تعلق عتقه بمطلق موت المولى بل بموته وبمشيئة العبد ذلك بعد ذلك، والمدبر من تعلق عتقه بمطلق موت المولى، بل بموته وبمشيئة العبد بعد ذلك، والمدبر من تعلق عتقه بمطلق موت المولى أو نقول المدبر من تعلق عتقه بمطلق موت المولى، وها هنا المتعلق بموت المولى الإيصاء بالعتق لا وقوع العتق، وهذا اللفظ يشير إلى أن هذا العبد لا يعتق، وإن شاء العتق بعد موت المولى ما لم يعتقه الوصي، وهو اختيار الفقيه أبي بكر الرازي، هكذا ذكر شيخ الإسلام المعروف بخوهر زاده رحمه الله.

وجه ذلك أنه تعذر: تعليق وقوع العتق بمشيئة توجد بعد الموت؛ لأن العتق لو وقع بمشيئة توجد بعد موت المولى إما أن يقع بحكم التدبير ولا وجه إليه؛ لأن العتق في التدبير يقع بمجرد موت المولى، وأما أن يقع بحكم اليمين ولا وجه إليه أيضاً؛ لأن العتق حينئذٍ يكون مضافاً إلى حال زوال المعلق وإنه لا يصح، وإذا تعذر تصحيح التدبير واليمين جعلناه إيصاء بالعتق إن شاء العبد؛ لأن في التدبير وصية بالعتق. فصار كأنه قال: أعتقوا عبيدي بعد موتي إن شاء، ولو صرح به يصح، وذكر شمس الأئمة السرخسي رحمه الله في «شرحه» أنه إذا مات المولى فشاء العبد عتقه فهو حر من ثلثه لوجود الشرط لا بالتدبير، وهذا تنصيص على أن المعلق بمشيئة العبد بعد موت العتق لا الإيصاء بالعتق.

وفي «المنتقى» ابن سماعة عن محمّد رحمه الله: إذا قال لعبده: إذا مت فأنت حر إن شئت، فالمشيئة بعد الموت، وقال أبو حنيفة رحمه الله: المشيئة على المجلس الساعة. قال محمّد رحمه الله: وكذلك إذا قال: إن شئت فأنت حر بعد موتي، فالمشيئة بعد الموت، قال: ألا ترى أنه لو قال: إذا جاء غدٍ، فأنت حر إن شئت اكتسب المشيئة إليه بعد طلوع الفجر من الغد فكذا في الموت، وسوى بين تقديم المشيئة وتأخيرها.

وذكر المعلى عن أبي يوسف رحمهما الله في «الإملاء» رجل قال لعبده: أنت حر بعد موتي إن شئت، أو قال: إن شئت فأنت بعد موتي فالمشيئة للعبد فيهما جميعاً بعد الموت في قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف رحمه الله: إذا قدم المشيئة فالمشيئة للعبد الساعة، وإذا أخر فالمشيئة له بعد الموت.

وفي «المنتقى» أيضاً عن محمّد رحمه الله إذا قال لعبده: أنت حر بعد موتي إن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015