لنفسه حق المشاركة مع صاحبه فيما استوفاه من السعاية، لأن ما من حر يستوفيه أحدهما من هذه السعاية إلا وللآخر حق المشاركة معه.

وكذلك إذا استوفى أحدهما نصيبه من السعاية، ثم شهد على صاحبه باستيفاء نصيبه لا تقبل لأنه يشهد لنفسه، فالمقبوض يسليم له إذا قبض صاحبه نصيبه بعد ذلك.

وإذا كان العبد بين ثلاثة نفر، شهد اثنان منهم على صاحبه أنه أعتق نصيبه، وأنكر المشهود عليه فالعبد يسعى بينهم أثلاثاً، وإذا استوفى أحدهم شيئاً من السعاية، كان (332أ1) للآخرين أن يأخذا منه ثلثي ما أخذ، وإذا شهد اثنان منهم على الآخر أنه يستوفي نصيبه من السعاية لا يقبل. والجواب في هذه المسألة والجواب في المسألة الأولى سواء إلا أن هناك الاختيار.....؛ لأن الشريك اثنان وها هنا الحساب بالمثالثة، لأن الشريك ثلاثه. وإذا كان العبد بين ثلاثة غاب أحدهم فشهد الحاضران على الغائب أنه أعتق نصيبه من هذا العبد فإنه يحال بين العبد وبين الحاضرين؛ فإذا حضر الغائب فقال للعبد: أعد البينة فأعاد البينة عليه فقضى عليه يعتق نصيبه وهو قول أبي حنيفة، وعلى قولهما القاضي يقبل هذه الشهادة في الحال ويقضي بعتقه، وإذا حضر الغائب لا يؤمر العبد إعادة البينة عليه.

والحاصل: أن هذه الشهادة على العتق مقبولة على الغائب عند أبي يوسف ومحمّد رحمهما الله، وعند أبي حنيفة رحمه الله هذه الشهادة لا تقبل على العتق على الغائب، أما تقبل في حق قصر الحاضرين وهذا بناءً على أن عند أبي حنيفة رحمه الله الإعتاق يتجزىء، فإنهما شهدا بعتق نصيب الغائب لا غير، فالشهادة على العتق قامت على غائب ليس عنه خصم حاضر فلا تقبل، فأما في حق قصر يد الحاضرين قامت على الحاضر فقبلت، وعندهما الإعتاق لا يتجزىء، فالشهادة على العتق قامت على الحاضر كما قامت على الغائب فقبلت على العتق، وصار الحاضر في إنكار العتق خصماً عن الغائب. وإذا شهد أحد الشركاء في العبد على أحد شريكيه أنه أعتق نصيبه وشهد الشريك الآخر على الشاهد الأول أنه أعتق نصيبه فالقاضي لا يقضي على واحد منهما بالعتق؛ لأنه لم يشهد على كل واحد منهما إلا شاهد واحد.

وإذا كان العبد بين مسلم ونصراني شهد نصرانيان على المسلم أنه أعتق نصيبه لا يقبل.

ولو شهد نصرانيان على النصراني أنه أعتق نصيبه قبلت بينته، فإن قيل: ينبغي أن لا تقبل شهادتهما على النصراني؛ لأن شهادتهما كما قامت على النصراني بالعتق قامت على المسلم بقصر اليد، قلنا: شهادتهما قامت على النصراني مقصوداً وما يثبت من قصر يد المسلم فذاك يثبت حكماً ومثل هذا جائز.

ألا ترى أن المسلم إذا كان له عبد نصراني مأذون في التجارة شهد نصرانيان على العبد بالدين فإنه يقبل شهادتهما وطريقه ما قلنا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015