وإذا قال أوسط عبد أشتريه حر، فاعلم بأن الأوسط لغة اسم بمعنى الوسط، والوسط اسم لفرد متخلل بين عددين متساويين لا يشاركه غيره في اسمه ومعناه، فبعد ذلك ينظر إن كان الذي وسط فرداً الا يتصور وجوده على هذه الهيئة إلا في الأعداد المفردة، وإن كان الذي جعله وسطاً زوجاً لا يتصور وجوده على هذه الهيئة إلا في الأعداد الزوجية.
مثال الأول: الواحد لا يتصور أن يكون وسطاً إلا في الأعداد الفرد لأن أقل ذلك أن يتقدمه واحد، ويتأخر عنهما واحد، فيصير أربعة وعلى هذا الاعتبار في جميع ذلك زاد ونقص، فإذا أوجب العتق للعبد الأوسط، فكل من يتفق أنه ليس بأوسط لا يحكم بعتقه، وكل من يتفق بكونه أوسطاً يحكم بعتقه، فإذا مات الحالف وكان الذي اشتراهم شفعاً، فليس فيهم أوسط، إن كانوا خمساً أو تسعاً مثلاً كان الأوسط الفرد المتخلل بين شفعين، وكل من دخل في النصف الأول من الحساب خرج من أن يكون أوسطاً.
قال في «الجامع» : إذا قال الرجل لعبيده أيّكم حمل هذه الخشبة فهو حر، فحملوها جميعاً ينظر إن كانت الخشبة خفيفة يقدر الواحد على حملها، لا يعتقون حتى يحملها واحد بعد واحد، وإن كانت الخشبة ثقيلة لا يقدر الواحد على حملها، وإنما يقدر على (حملها) اثنان أو أكثر عتقوا، والوجه في ذلك أن كلمة (أي) تتناول واحداً منكراً من جملة ما أضيف إليهما هذه الكلمة، وقد وصف ذلك المنكر ههنا بصفة غاية، وهي الحمل؛ لأن الحمل أضيف إلى جميع العبيد الذين أضيف إليهم كلمة أي، فأوجب عموم العبيد سواء كانت الخشبة ثقيلة أو خفيفة.
بعد ذلك الكلام في أن النكرة صارت موصوفة بحمل جميع الخشبة أو بحمل بعضها، فنقول إذا كانت الخشبة خفيفة بحيث يقدر الواحد على حملها صارت النكرة موصوفة بحمل جميع الخشبة؛ لأن الخشبة اسم لجميعها، وقد أضاف حملها إلى كل واحد، والعمل بالحقيقة ممكن؛ بأن يجعل شرط العتق في حق كل واحد حمل جميع الخشبة، أو يتأتى ذلك من كل واحد، فنجعل ذلك شرطاً في حق كل واحد عملاً بحقيقة الكلام، فلا يعتق واحد منهم ما لم يحمل كل الخشبة.