قول الله تعالى: {وا يعلم المفسد من المصلح} (البقرة: 220) فكان على قياس هذا فلا ضمان عليه فيما بينه وبين الله تعالى استحساناً. أما في الحكم ضامن لما قلنا.
قال: لو كان الكبار أنفقوا على الصغار ثم لم يقروا بذلك ببيعه نصيبهم وسعهم ذلك، ولو اختلفوا على ذلك؛ قال في «الكتاب» : رجوت أن لا يكون عليهم شيء.
نظير هذا إذا عرف الوصي الدين على الميت فقضاه ولم يقرّ بذلك ولم يعرفه القاضي ولا الورثة لا يأثم فيما فعل وكذلك إذا كان لرجل عند رجل وديعة وعلى المودع مثل تلك الوديعة، والمودع يعلم أنه مات ولم يقبض دينه ليسمح للمودع أن يقضي ذلك الدين بماله ولا يقربه.
وكذلك إذا كان على زيد لعمروٍ دين، وعلى عمرو مثل ذلك دين لرجل آخر فمات عمرو، وزيد يعرف أن عمرو لم يقض ليسع لزيد أن يقضي دين عمرو، وبما لعمرو على زيد، ولا تجبر ورثته بذلك.
وكذلك إذا مات الرجل ولم يوصِ إلى أحد وله أولاد صغار، وله مال وديعة عند رجل ليس للمودع في الحكم أن ينفق عليهم، ويحتسب بذلك من مال الميت، ولكن إذا فعل وحلف أنه ليس لهم عليه حق رجوت أن لا يكون عليه شيء إن شاء الله؛ لأنه لم يرد بهذا إلا الإصلاح، وإنه موافق لما روينا عن محمد رحمه الله.
النوع الثاني فيما لا يجب على الآباء من نفقة الأولاد
قال: وإذا تزوج العبد أو المدبر أو المكاتب امرأة بإذن المولى فولدت امرأته أولاداً لا يجبر على نفقة الأولاد سواء كانت أمهم حرة أو أمة أو مدبرة أو أم ولد أو مكاتبة؛ لأن ما يستحق الولد من النفقة صلة محضة، وما كان صلة محضة لا يستحق على هؤلاء، وهذا بخلاف نفقة المرأة؛ لأنها صلة من وجه، عوض من وجه، وما كان صلة من وجه عوضاً من وجه جاز أن يستحق على هؤلاء من حيث إنه عوض.
فرّععلى هذا في الكتاب
فقال: إذا لم يجب على الأب نفقة الأولاد، على من يجب؟ ففيما إذا كانت المرأة مكاتبة فنفقة الأولاد عليها؛ لأن الولد تابع للأم في كتابتها، فكان كالمملوك لها، ألا ترى أن كسبه لها وأرش الجنابة عليه لها، وميراثه إن مات لها. فإذا كان كالمملوك لها كان نفقته..... عليها إذا كانت المرأة مدبرة أو أم ولد فأولاد..... وتكون نفقتهم على مولاهما وهو مولى أم الولد، والمدبرة فيما إذا كانت أَمَةُ رجل آخر فنفقة الأولاد على مولى الأمة؛ لأن أولادها أَرِقّاء لمولى الأمة، فتكون نفقتهم على مولى الأمة.