والفرق وهو: أن نفقة الزوجة إنما تجب إذا تمكن من الاستمتاع، فكان سببه البدل، والبدل يجب وإن كان من يستحقهُ غيناً. فأما نفقة الولد لا تجب إذا تمكن من الانتفاع، وإنما تجب لأجل الحاجة فلا تجب بدون الحاجة، كنفقة المحارم.
فإن كان للصغير عقاراً....... ذلك للنفقة كان للأب أن يبيع ذلك كله وينفق عليه؛ لأنه غني بهذه الأشياء، ونفقة الصبي تكون في ماله إذا كان غنياً.6
وإن كان مال الصغير غائباً توجب على الأم أن تنفق من مال الولد إذا حضر ماله، ولكن إن أشهد على ذلك فله أن يرجع في الحكم، وإن أنفق بغير إشهاد على نية الرجوع ليس له أن يرجع في الحكم؛ لأن الظاهر أن الأب قصد فيما ينفق على ولده التبرع والقاضي لا يطلع إلا على الظاهر، أما الله تعالى فمطلع على الضمائر والظواهر، فكان له أن يرجع إذا كان قصده عند الإنفاق الرجوع. وأما إذا لم يكن قصده عند الإنفاق الرجوع.
وأما إذا لم يكن للصبي مال فالنفقة على والده لا يشاركه أحد في ذلك؛ لأنه إنما يستحق النفقة على الوالد لكونه........ إليه غيره لا يشاركه في هذا المعنى فلا يشاركه في النفقة عليه.
وروي عن أبي حنيفة رحمه الله: أن النفقة على الأب والأم أثلاثاً على حسب ميراثهما إلا أن في «ظاهر الرواية» جعل الكل على الأب لأن النفقة نظير الإرضاع، فكما لا يشارك الأب في مؤنة الإرضاع أحدٌ فكذا في النفقة. قال: وإن كان الأب معسراً والأم موسرة أمرت أن تنفق من مالها على الولد ويكون ديناً على الأب ترجع عليه إذا أيسر، لأن نفقة الولد الصغير على الأب وإن كان معسراً كنفقة نفسه فكانت الأم صاحبة حق واجب عليه يأمرها القاضي فترجع عليه إذا أيسر كما إذا أدت بأمره ثم جعل الأم أولى بالتحمل من سائر الأوقات، حتى لوكان الأب معسراً والأم موسرة، وللصغير جدٌّ موسر تؤمر الأم بالإنفاق من مال نفسها ثم ترجع على الأب، ولا يُؤمر الجد بذلك؛ لأنه وقعت الحاجة إلى الاستدانة من مالها وهي أقرب إلى الصغير وأولى.
قال: رجل له ولد صغير وأمه في نكاحه، فطلبت من زوجها أجرة الرضاع لا تستحق وإن استأجرها على ذلك لما ذكرنا من المعنى، ومعنى آخر: أن نفقة النكاح واجب على الزوج كما وجب على الزوج، فلو أوجبنا عليه أجرة الرضاع يجتمع أجرة الرضاع مع نفقة النكاح في مالٍ واحد وهذا لا يجوز هذا إذا لم يكن للصغير مال.
أما إذا كان له مال هل يجوز أن يقرض أجرة الرضاع من ماله؟ ذكر رحمه الله في أول «شرح النفقات» للخصاف رحمه الله: أنه روى عن محمد رحمه الله أنه يقرض من مال الصبي، وهكذا ذكر في إجارات القدوري.
قال محمد رحمه الله في أول «شرح النفقات» : وليس فيه اختلاف الروايتين ولكن ما روي عن محمد رحمه الله أنه يقرض من مال الصغير تأويله إذا لم يكن للأب مال، وما