ذكرنا كله في الطلاق الثاني والطلقات الثلاث.

جئنا إلى الطلاق الرجعي فنقول: المعتدة بالطلاق الرجعي إذا وطئها ابن الزوج أو قبلها بشهوة وهي مطاوعة وارتدت فحبست أو لم تحبس فلا نفقة لها، لأن في الطلاق الرجعي الفرقة ما وقعت بالطلاق فيكون وقوع الفرقة بسبب وجد منها وهو معصية فيوجب ذلك سقوط النفقة ولا كذلك في الطلاق الثاني والطلقات الثلاث.

قال: المعتدة إذا خرجت من بيت العدة سقطت نفقتها.

هكذا روي عن الضحاك مطلقاً، وهذا عندنا ما دامت على النشوز، وإن عادت إلى بيت الزوج كان لها النفقة والسكنى كما في حال قيام النكاح، ثم الخروج من بيت العدة على سبيل الدوم ليس بشرط لسقوط النفقة، فإنها إذا خرجت زماناً وسكنت زماناً لا تستحق النفقة. هكذا ذكر شمس الأئمة السرخسي رحمه الله في «أدب القاضي» للخصاف في شرح أحاديث باب إثبات الوكالة.

قال: وكذلك إن كانت ناشزة وقت الطلاق ثم عادت إلى بيت الزوج بعد الطلاق تستحق النفقة، وهذا لما ذكرنا أن نفقة العدة تبعاً لنفقة النكاح، فتكون هذه الحالة معتبرة بحال قيام النكاح.

والجواب: حال قيام النكاح على هذا الوجه، فكذا حال قيام العدة.

وفي «فتاوى النسفي» : في المعتدة عن طلاق بائن إذا تزوجت في العدة ووجد الدخول وفرق بينهما ووجبت عليها العدة منهما لا نفقة لها على الزوج الثاني؛ لأن النكاح مع الزوج الثاني فاسد وإنما نفقتها على الزوج الأول؛ لأنها لا توصف بالنشوز بمنعها نفسها منه ههنا، لأن الطلاق الخل وزال هكذا ذكر ههنا.

وتأويل هذه المسألة ما إذا تزوجت وهي في بيت العدة لم تخرج من بيت العدة، أما إذا خرجت من بيت العدة لا تستحق النفقة لما قلنا والله أعلم.

النوع الثالث في الصلح عن نفقة العدة

قال: وإذا صالح الرجل امرأته عن نفقتها ما دامت في العدة على دراهم مسماة لا يزيد عليه حتى تنقضي العدة ينظر إن كانت عدتها بالحيض لا يجوز الصلح، وإن كانت بالأشهر جاز، وإنما كان هكذا لأن العدة إذا كانت بالحيض فمدة النفقة مجهولة فلا يدري حيضة كل يوم من المصلح عليه، وإنما يحتاج إلى استيفاء حصة كل يوم بعد الصلح، لأن كل يوم مضى فنفقة ذلك اليوم تصير ديناً لها على الزوج فيكون لها استيفاء ذلك لا محالة.

فأما إذا لم يكن حصة كل يوم معلومة تقع بينهما منازعة مانعة من التسليم، والتسليم مثل هذه الجهالة تمنع جواز الصلح كما لو صالحت عن نفقتها مع الزوج، وما دامت زوجة له على مال معلوم كان صلح الطلاق باطلاً، فكذا ههنا بخلاف ما إذا كانت عدتهما بالأشهر، لأن مدة النفقة معلومة وهي ثلاثة أشهر فتكون حصة كل يوم من النفقة معلومة فيمكنها استيفاء حصة كل يوم يمضي من وقت الصلح، فكان الصلح جائز.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015