حنيفة ومحمد رحمهما الله فقالت المرأة للزوج: أنفق عليهم من مهري ففعل، فقالت هي: لا، أحتسب من مهري لأنك استخدمتهم.
قال في «فتاوى أبي الليث» رحمه الله: ما أنفق عليهم بالمعروف فهو محسوب عنه؛ لأنه أدنى ما وجب على المرأة بأمر المرأة للمرأة على الزوج المهر، فبقدر ما أنفق عليهم بالمعروف يكون محسوباً عليه.
قال في «الكتاب» : وفي كل موضع يفرض القاضي نفقة الخادم على الزوج، يفرض الكسوة للخادم أيضاً، والكسوة للخادم على المعسرة في الشتاء قميصان وإزاراً..... كأرخص ما يكون. وفي الصيف قميص مثل ذلك وإزار. وعلى الموسر في الشتاء: قميص قطني وإزار..... كأرخص ما يكون وفي الصيف قميص مثل ذلك وإزار فقد أوجب لها في الشتاء من الكسوة أكثر مما أوجب في الصيف، وإنما فعل كذلك كما قلنا في المرأة ثم لم يفرض لخادمها الخمار.
وقد ذكرنا في كسوة المرأة الخمار، وإنما كان هكذا؛ لأن الحاجة إلى الخمار ليستر الرأس، ورأس المرأة عورة، أما رأس الخادمة ليس بعورة، وفرض لها الإزار؛ لأن الخادمة تحتاج إلى الخروج لتهيء أمور خارج البيت، فتحتاج إلى الإزار، وقد ذكرنا اختلاف المشايخ في إزار المرأة.
قال في «الكتاب» : ولخادم المرأة المكعب والخف بحسب ما يكفيها، وقد فرض للخادم المكعب والخف ولم يفرض للمرأة ذلك، لأنه لا حاجة للمرأة إلى ذلك، فإنها لا تحتاج إلى الخروج والتزور، والخادم يحتاج خادم.
قال مشايخنا رحمهم الله: وما ذكر محمد رحمه الله في «الكتاب» : من بيان الخادم فهو بناءً على عاداتهم، وذلك يختلف باختلاف الأمكنة في شدة الحرّ والبرد باختلاف العادات في كل وقت. فعلى القاضي اعتبار الكفاية في كسوة الخادم، وكسوة المرأة لما ذكرنا في النفقة.
النوع الخامس في الخصومة في نفقة الأزمنة الماضية
قال: وإذا خاصمت المرأة زوجها في نفقة مضى من الزمان قبل أن يفرض القاضي لها النفقة وقبل أن يتراضيا على شيء، فإن القاضي لا يقضي لها بنفقة مضى عندنا، وعند الشافعي رحمه الله: يقضِ، وأجمعوا أن بعد فرض القاضي لها النفقة أو بعد تراضيهما على شيء نفقة كل شهر لو غاب الزوج عنها شهراً أو حُبس، أو كان حاضراً وامتنع من الإنفاق، وقد استدانت على الزوج أو أكلت من مال نفسها كان لها أن تأخذ (من) الزوج بنفقة ما مضى.