ظالمة، فقد فوتت ما كانت تستحق النفقة باعتباره فلا تجب لها النفقة، وقد صح أن شريحاً رحمة الله عليه سئل أن الناشزة هل تستحق النفقة: فقال: نعم.... فقال: جوالق من تراب، بين لا نفقة لها، ثم بين الخصاف رحمه الله الناشزة فقال: الناشزة هي الخارجة عن منزله زوجها المانعة نفسها منه، لأنها إذا كانت مقيمة مع الزوج في منزله فالظاهر أن الزوج يقدر على تحصيل المقصود منها فلا يوجب ذلك بطلان نفقتها، وتستوي المرأة في حق الناشزة أن تكون النفقة مفروضة أو لم تكن لا نفقة للمرأة مفروضة كانت، أو غير مفروضة بأن الاحتباس في بيت الزوج، فإذا فات الاحتباس في بيت الزوج فات ما تأدى به النفقة فتفوت النفقة ضرورة في حق هذا المعنى المفروضة وغير المفروضة على السواء، إليه أشار محمد رحمه الله في «الجامع» ، في الباب الثاني من كتاب القضاء في مسألة ذكرها على سبيل الاستشهاد عبيد.
وكذلك لو كان وصورتها إذا قضى القاضي بالفرقة بشهادة الشهود، ثم ظهر أن الشهود عبيد، وكذلك لو كان المنزل ملكاً للمرأة والزوج يسكن معها في بيتها فمنعته من الدخول عليها لم يكن لها نفقة ما دامت على تلك الحالة، لأنها لما منعته عن الدخول عليها فقد حبست نفسها منه فصار كأنها نشزت إلى موضع آخر.
قال في «الكتاب» : إلا أن تكون سألته أن يحولها إلى منزله أو يكتري لها منزلاً آخر فيه وتقول: إني أحتاج إلى منزل، ومنعته من الدخول عليه فلها ذلك، وعليه النفقة، لأن منفعة الاحتباس ههنا، إنما فات لمعنى من جهة الزوج فلا يوجب بطلان المنفعة، ثم في كل موضع تسقط نفقة المرأة لأجل النشوز، لو تركت النشوز كان لها النفقة، لأن المسقط للنفقة هو النشوز.
فإذا تركت النشوز ارتفع المسقط فصار الحال بعد ترك النشوز كالحال قبل النشوز، وذكر في «الفتاوى» عمن أوفى مهر امرأته وهو يسكنها في أرض الغصب وامتنعت هي منه قال: لها النفقة لأنها محقة وليست بناشزة قال: وإذا بقيت المرأة مع زوجها، أو أبت أن تتحول معه إلى منزله أو حيث تريد من البلدان وقد أوفى مهرها فلا نفقة لها عليه، لأنها مبطلة في هذا المنع فكانت ناشزة، وإن كان لم يعطها مهرها وباقي المسألة بحالها فلها النفقة لأنها محقة في هذا المنع، هذا إذا لم يدخل بها، فإن دخل بها فكذلك الجواب في قول أبي حنيفة رحمه الله، وفي قولهما لا نفقة لها سواء أوفاها المهر، أم لا وهذا بناءً على أن بعدما دخل الزوج بها ليس لها أن تمنع حتى يوفيها الزوج المهر عندهما، وعند أبي حنيفة رحمه الله لها ذلك فكانت مبطلة في هذا المنع عندهما فلا نفقة لها قال الفقيه أبو القاسم الصفار رحمه الله: هذا كان في زمانهم، أما في زماننا لا يملك الزوج أن يسافر بها، وإن أوفى صداقها، لأن في زمانهم الغالب من حال الناس الصلاح، أما في زماننا فسد الناس، والمرأة إذا كانت بين عشيرتها فالزوج لا يقدر على أن يظلمها، ومتى