بدا له أن (203أ1) يستخدمها فله ذلك، لما ذكرنا أن حق المولى في الاستخدام باقي فلا تسقط بالبيتوة، كما لا تسقط بالإنكاح، ثم إذا استخدمها المولى بعد ذلك ولم يحل بينها وبين الزوج فلا نفقة لها، لأنه فات ما كان تجب به نفقتها وهو البيتوتة من جهة من له الحق، فشابهت الحرة الناشزة، قال: ولو بوأها المولى فكانت إلى المولى في بعض الأوقات
تخدمهُ من غير أن يستخدمها لم تسقط نفقتها، لأن البيتوتة من جهة المولى، والنفقة إنما تجب حقاً للمولى فلا يسقط بصنع يوجد من عند المولى.
بخلاف ما إذا استخدمها المولى على ما مر، قال: ولو جاءت إلى بيت المولى في وقت، والمولى ليس في البيت واستخدمها أهل المولى ومنعوها من الرجوع إلى بيته، فلا نفقة لها لأن استخدام أهل المولى إياها بمنزلة استخدام المولى، وفيه تفويت البيتوتة، قال: وإذا تزوجت المكاتبة بإذن المولى، فهي كالحره فلا تحتاج إلى البيتوتة لاستحقاق النفقة لأن منافعها على ملكها لضره وريها أخص بنفسها ومنافعها بعقد الكتابة، ولهذا لم يبق للمولى، ولأن الاستخدام مكانه فكانت كالحرة فلا يحتاج في حقها إلى البيتوتة، وهذه المسألة تزيد ما ذكرنا في الحرة إذا قامت تحت عبد أو مكاتب أو مدبر،
ثم فرع على مسألة العبد فقال: إذا تزوج العبد بإذن المولى، وفرض القاضي عليه النفقة، فالنفقة تتعلق بمالية الرقبة، لأن دين النفقة ظهر في حق المولى لأنه سببه وهو النكاح كان برضا المولى، وإذا اجتمع عليه من النفقة ما يعجزه عن الأداء يباع فيه إلا أن يفديه المولى، ثم إذا اجتمع عليه النفقة مرة أخرى يباع العبد ثانياً.
قال شمس الأئمة السرخسي رحمه الله وليس في شيء من ديون العبد ما يباع فيه مرة بعد مرة إلا النفقة، وهذا لأن النفقة تتجدد وجوبها بمضي الزمان، فكذلك في حكم دين حادث، ولا كذلك سائر الديون.
قال: وإن مات العبد بطل ما اجتمع عليه من النفقة لا يؤاخذ المولى بشيء لأن محل الاستيفاء قد فات، قال: وإن قتل العبد كانت النفقة في قيمته، قال الشيخ أبو الحسن القدوري رحمه الله في «شرحه» : هذا ليس بصحيح، وإنما الصحيح أن تسقط النفقة بالموت، لأن النفقة في معنى الحر على ما يأتي بعد هذا إن شاء الله، والصِّلات تبطل بالموت قبل القبض، والقيمة إنما تقام مقام الرقبة في دين لا يسقط بالموت، لا في دين سقط بالموت، هذا الذي ذكرنا في العبد، أما المدبر إذا تزوج بإذن المولى، فالنفقة تتعلق بكسبه، لأن الاستيفاء من الرقبة ههنا متعذر لعدم جواز بيعه، فيتعلق بكسبه كسائر الديون، وكذلك نفقة امرأة المكاتب تتعلق بكسبه ما دام مكاتباً لتعذر الاستيفاء من الرقبة، فإذا عجز بيع فيها لإمكان الاستيفاء من الرقبة بعد العجز، فهذا الذي ذكرنا، إذا تزوج العبد أو المكاتب أو المدبر بإذن المولى.
وإذا تزوجوا بغير إذن المولى فلا نفقة عليهم ولا مهر، لأن وجوب النفقة والمهر يعتمد صحة العقد، ونكاح هؤلاء بغير إذن المولى لا يصح، فإن عتق واحد منهم جاز نكاحه حين عتق، لسقوط حق المولى، ويجب عليه المهر والنفقة في المستقبل.