على قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تطلق، وتقع يمينه عليه وعلى غيره. وعلى قول أبي يوسف رحمه الله لا تطلق.
أصل المسألة: إذا قالت لزوجها: إنك تزوجت عليّ امرأة فقال الزوج: كل امرأة لي فهي طالق.
وسئل أبو نصر رحمه الله عن رجل قال لامرأته: إن أعطيتك دراهم تشتري بها شيئاً فأنت طالق، فدفع إليها دراهم، وأمرها أن تعطي فلانة تشتري بها شيئاً، ثم تذكر يمينه واستردّ الدراهم منها هل تطلق امرأته؟ قال: إن كانت امرأته هي التي تشتري الأشياء بنفسها لا تطلق، وإن كانت لا تتولى شراءها بنفسها أخاف أن يقع الطلاق عليها.
قال صاحب «مجموع النوازل» سألت نجم الدين رحمه الله عن معنى هذا الجواب فقال: لأنها إذا كانت تشتري بنفسها وقعت يمينه على حقيقة فعلها فما لم تشترِ لا يحنث، وهذا الجواب مستقيم فيما إذا دفع إليها الدراهم ولم يأمرها أن تدفع إلى فلانة تشتربها، فأما إذا أمرها أن تدفع إلى فلانة تشتري بها فلانة ينبغي أن لا تطلق امرأته على كل حال.
إذا قال الرجل: إن فعلت كذا فكل امرأة لي طالق، وليس له امرأة، وكان من نيّته كل امرأة يتزوجها بعد هذا هل تصح نيته؟ كان شمس الإسلام الأوزجندي رحمه الله يقول: تصح نيته. ويصير تقدير المسألة: كل امرأة تكون لي، فهذا من باب نيته الإضمان وأنها صحيحة، وكان نجم الدين النسفي رحمه الله يُفتي بأنه لا تصح نيته.
ولو قال: إن فعلت كذا هرج بدست راست كيرم برمن حرام، وليست له امرأة وقت الحلف، ولم ينوِ امرأة يتزوجها كان شمس الإسلام الأوزجندي رحمه الله يقول: يكون يميناً وعليه الكفارة، وبه كان يفتي شيخ الإسلام أبو الحسن رحمه الله، وقد مرّ نظير هذا في قوله: حلال الله عليَّ حرام. وكان نجم الدين النسفي رحمه الله يفتي بأنه لا شيء عليه. ولو نوى امرأة يتزوجها تصح نيته بلا خلاف.
قال نجم الدين: وإنما صحت نيّة كل امرأة يتزوجها في هذه الصورة لأن قوله: هرج بدست راست كيرم صيغته صيغة استقبال فتصح نيّة الاستقبال لاحتمال اللفظ، بخلاف قوله: كل امرأة لي؛ لأنه للحال، فلا يحتمل الاستقبال، فلا تصح نية الاستقبال فيه، وقد مرّ جنس هذا في مسائل الكنايات.
سئل نجم الدين رحمه الله عمن قال: امرأته تجدد النكاح بيننا احتياطاً فقالت: بيّن وجه الحرمة حتى أعرف وبارعته في ذلك وقالت: لم تكتم الحرمة، فغضب الزوج فقال: سراني اني ريكان است كه معجنين بداري هل يكون هذا إقراراً بالحرمة؟ قال: نعم؛ لأنه أشار إليها مرتين بقوله: اين ريكان وبقوله: معجنين وهو تحقيق لصفة الحرمة فيها.
ولو قال: سراي اين تكان انست كه حرام بداري لا يكون إقراراً بالحرمة. هذا إذا قال لغيره: خوامي تازنت طلاق كنم فقال: دادمش شيه طلاق. وفي هذه المسألة تقع تطليقة واحدة، والثانية يقول: دادمش شيه طلاق وفي هذه المسألة (297أ1) لا تطلق أصلاً، وهو فتوى قول أبي حنيفة رحمه الله.