واعتبرنا معنى التمليك فقلنا بالاقتصار على مجلس العلم عملاً بالدليلين بقدر الإمكان. ولو لم يرد الزوج بالأمر باليد طلاقاً فليس بشيء إلا أن يكون في حالة الغضب أو في حالة مذاكرة الطلاق فلا يُديّن في الحكم وهذا لأن قوله: أمرك يحتمل وجوهاً شتى، ألا ترى أنه يحتمل أمرك بيدك في الخروج والانتقال، والمحتمل لوجوه شتى لا يتعين بعض وجوهه إلا بالنية أو دلالة حال تقوم مقام النية.

ولو ادعت المرأة منه الطلاق أو أنه كان في غضب أو مذاكرة طلاق فالقول قوله مع اليمين وتقبل بينة المرأة في إثبات حالة الغضب ومذاكرة الطلاق؛ لأنها قامت على معنًى بشهادة الشهود فلا تقبل شبهتها في نية الطلاق؛ لأنها قامت على ما لا يشاهده الشهود فلا يقبل إلا أن تقوم البنية على إقرار الزوج بذلك.

ثم الأمر باليد قد يكون مرسلاً وقد يكون معلقاً بالشرط بأن قال: إذا قدم فلان فأمر امرأتي بيدها أو قال: بيد فلان.

وإن كان مرسلاً فهو على وجهين:

إن كان مطلقاً غير مؤقت بوقت فحكمه ما ذكرنا أن المفوض إليه إن كان يسمع فالأمر بيده. ما داموا في ذلك المجلس وإن لم يسمع أو كان غائباً قائماً يصير الأمر بيده إذا علم أو بلغه الخبر، ويكون الأمر في يده ما دام في مجلس العلم.

والقبول في المجلس ليس بشرط ولكن إذا ردّ المفوض إليه ذلك يريد بردّه، وهذا لما ذكرنا أن الأمر باليد يتضمن معنى التمليك ومعنى التعليق والقبول في التعليقات ليس بشرط، فاعتبرنا معنى التعليق، ولم يشترط القبول في المفوض إليه، واعتبرنا معنى التمليك فقلنا: يريد بالرد عملاً بالمعنيين بقدر الإمكان.

وأما إذا كان مؤقتاً بوقت وإن علم المفوض إليه بالأمر مع بقاء شيء من الوقت فله الخيار في بقية الوقت ولا يبطل بالقيام عن المجلس. وإن مضى الوقت قبل علم المفوض إليه بذلك ينتهي الأمر؛ لأنه خصّ التفويض بزمان فلا يبقى بعد مضي ذلك الزمان.

وأما إذا كان الأمر معلقاً بالشرط فإنما يصير الأمر في يد المفوض إليه إذا جاء الشرط، وإذا جاء الشرط فإن كان الأمر مطلقاً غير موقت بوقت صار الأمر في يده في مجلس علمه.

والقبول في ذلك المجلس ليس بشرط، لكن يريد بالرد، وإن كان مؤقتاً فعلم المفوض إليه بالأمر، مع بقاء شيء من الوقت والأمر في يده ما دام ذلك الوقت باقياً.

وإذا مضى الوقت قبل العلم ينتهي الأمر، ثم إذا جعل الأمر بيدها فاختارت نفسها في مجلس علمها بانت بواحدة.

وإن كان الزوج أراد ثلاثاً فثلاث، وإن نوى ثنتين فواحدة أو لم تكن له نية في العدد فهي واحدة لأن قوله: أمرك بيدك من جملة الكنايات لافتقارها إلى النية أو دلالة الحال.

والواقع بالكنايات واحدة، إلا أن ينوي ثلاثاً ولا تقع به ثنتان وإن نوى على ما عرف.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015