فروي عن أبي يوسف رحمه الله رواية أخرى أنه تقع واحدة بائنة كما هو قول أبي حنيفة رحمه الله، ولو قال أنت طالق عدد شعر بطن كفي فهي طلقة واحدة لأنه لا شعر على بطن كفه فلا يكون بذكر هذا العدد موافق العدد، كذلك وإذا قال عدد ما في كفي من الدراهم وليس في يده شيء تقع طلقة واحدة.
وكذا إذا قال عدد ما في هذا الحوض من السمك وليس في الحوض سمك، وكذلك لو قال بعدد كل شعرة على جسد إبليس تقع واحدة حتي يُعلم على جسد إبليس شعر.
ولو قال: أنت طالق عدد شعر رأسي أو عدد شعر ظهر كفي وقد كان حلق ظهر كفه أو رأسه قبل هذه المقالة طلقت ثلاثاً لأنه شبه الواقع بعدد شعر الرأس وبعدد شعر الكف وشعر ظهر الكف وشعر الرأس ذو عدد في نفسه، وإن لم يكن موجوداً بالحال ويصير موقعاً للعدد بخلاف ما لو قال عدد ما على رأسي من الشعر أو عدد ما على ظهر كفي من الشعر لأن هناك شبهة الطلاق بالعدد الموجود حيث قال: عدد ما على ظهر كفي من الشعر وإذا لم يكن موجوداً لفي ذكر العدد.
ولو قال لها أنت طالق كعدد النجوم أو مثل عدد النجوم أو كالنجوم أو كالرمل فهي واحدة بائنة كذا رواه ابن سماعة عن محمد رحمه الله، وفي رواية أخرى عنه أنها واحدة رجعية.
ولو قال: عدد النجوم فهو ثلاث وفي «الجامع الصغير» إذا قال لها أنت طالق كألف فهي واحدة بائنة إلا أن ينوي ثلاثاً لأن الشيء قد شبه الألف لزيادة قوة كما في قوله رب واحد لعدل الألف زائدة وقوة الطلاق بالبينونة فهذا يقتضي وقوع واحدة بائنة وقد يشبه به لكثرته وهذا يقتضي وقوع الثلاث لأن الثلاث كثير لأن الواحدة أدنى وقيد الإطلاق يقع واحدة، وإذا نوى ثلاث صحت نيته، وفي «القدوري» إذا قال لها أنت طالق كألف وإن نوى ثلاثاً فثلاث وإن نوى واحدة أو لم يكن له بينة فهي واحدة بائنة لقول أبي حنيفة رحمه الله (234أ1) وأبي يوسف الآخر رحمه الله، وقال محمد رحمه الله هي ثلاث ولا تدين في الحكم وتبين بما ذكر القدوري رحمه الله أن المذكور في «الجامع الصغير» قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله.
وجه قول محمد رحمه الله: ما ذكره القدوري أن هذا يشتبه من حيث العدد لأن الألف عدد واقتضى التشبيه بعدده كما لو قال أنت طالق كعدد ألف بخلاف ما لو قال أنت طالق واحدة كألف لأنه صرح بالواحدة علماً أنه أرادا به التشبه في الشدة والقوة دون العدد وتقع واحدة لهذا ولا تقع الثلاث وإن نوى لأن الواحدة لا تحتمل العدد ومن نوى ما لا يحتمله لفظه لا يعمل بنية، ولو قال أنت طالق كعدد ألف أو ثلاث فهي ثلاث في القضاء.
ذكره في «القدوري» أيضاً: لأنه لما صرح بالتشبيه من حيث العدد لم يبق لاحتمال التشبيه من حيث القوة غيره، وإذا قال لها: أنت طالق مثل عظم رأس الإبرة أو قال مثل