حقيقة باعتبار الوضع، وحكمه لا يندفع ما لم ينوِ المجاز، ومجازٌ صار كالحقيقة وهو ما ثبت عرفاً وشرعاً، وحكمه لا يندفع أيضاً ما لم ينو المجاز، لأنه ألحق بالحقيقة، ومجازٌ متعارف ومطلق للفظ ينصرف إليه ولكن إذا نوى أن لا يثبت ذلك لا يثبت وإن لم ينو غيره. ومجازٌ غير متعارف، وإنه لا يثبت بمطلق الكلام إلا الهيئة.

رجل قال لامرأته: براشه طلاق يقع الثلاث لأن هذا بمنزلة قوله أعطيتك ثلاث تطليقات ألا ترى أنه لو قال لغيره لك هذا الثوب كان هبة وكان بمنزلة قوله أعطيتك هذا الثوب. هكذا ذكر الصدر الشهيد رحمه الله في باب النون.

وفي هذا الباب أيضاً: إذا تشاجر الرجل مع امرأته فقال لها بالفارسية هرار طلاق برا ولم يزد على هذا تقع الثلاث لأن هذا فارسي قوله ألف تطليقة لك، ولو قال ألف تطليقة لك تقع الثلاث لأنه لو قال: لك ألف تطليقة تقع الثلاث، وكذلك إذا قدم المؤخر، هكذا ذكر رحمه الله تعليل المسألتين مع صورتهما.

وفي «فتاوى أهل سمرقند» من طلاق برا دادم. قال: نوى الإيقاع وقع الطلاق وإن نوى التفويض لا يقع لأنه يحتمل التفويض، وإن لم يكن له نية يقع لأنه إيقاع ظاهراً فيصُرِفَ إليه ما لم ينو شيئاً آخر. وفي «فتاوى الفضلي» تر طلاق إيقاع طلاق ترا تفويض إن طلقت نفسها في المجلس يقع.

وفي «المنتقى» رجل قال لامرأته لك الطلاق قال أبو حنيفة رحمه الله: إن نوى الطلاق فهي طالق وإن لم يكن له نية فلا شيء عليه، وقال أبو يوسف رحمه الله: إن نوى الطلاق فطلاق وإلا فالأمر بيدها، ولو قال عليك الطلاق فهي طالق إذا نوى.

وفيه أيضاً عن أبي يوسف رحمه الله: إذ قال لامرأته لكم الطلاق إنها طالق في القضاء ويدين فيما بينه وبين الله تعالى إن عنى غير ذلك، ولو قال: طلاقي عليك واجب وقع، وكذا إذا قال لها الطلاق عليك واجب ذكره البقالي في «فتاويه» . ولو قال لها: طلاقك عليَّ لا يقع، ولو قال: طلاقك عليَّ واجب أو لازم أو فرض أو ثابت ذكر الفقيه أبو الليث رحمه الله في «فتاويه» خلافاً بين المتأخرين، منهم من قال يقع واحدة رجعية نوى أو لم ينوِ، ومنهم من قال لا يقع نوى أو لم ينوِ، ومنهم من قال في قوله واجب يقع بدون النية، وفي قوله لازم لا يقع وإن نوى والفارق العرف، وعلى هذا الخلاف إذا قال لها إن فعلت كذا فطلاقك عليَّ واجب، أو قال: لازم أو قال ثابت ففعلت. وذكر القدوري رحمه الله في «شرحه» أن على قول أبي حنيفة رحمه الله لا يقع في الكل، وعند أبي يوسف رحمه الله إن نوى الطلاق يقع في الكل وعن محمد رحمه الله أنه يقع في قوله لازم ولا يقع في قوله واجب و (هو) اختيار الصدر الشهيد رحمه الله، قال: الوقوع في الكل لأن نفس الطلاق لا يكون واجباً ولا لازماً وفرضاً إنما يكون حكمه واجباً وحكم الطلاق لا يجب إلا بعد الوقوع، وكان الشيخ الإمام ظهير الدين الحسن بن علي المرغيناني رحمه الله يفتي بعدم الوقوع في الكل، وعن ابن سّلام فيمن قال إن فعلت كذا فثلاث تطليقات عليَّ أو قال عليَّ واجب فإنه يعتبر عادة أهل البلد هل غلب، (231ب1) ذلك في كلامهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015