طالق ثلاثاً لسُنة فهو على وجوه: إن نوى أن يقع عند كل طهرٍ تطليقه فهو على ما نوى، فكذلك إذا لم ينو شيئاً فهي طالق عند كل طهر تطليقة وإن نوى أن يقع الثلاث جملة للحال صحت نيته لأن وقوع الثلاثه جملة عرف بسنة رسول الله عليه السلام ولو نوى أن يقع عند رأس كل شهر تطليقة فهو على مانوى، لأن قوله محتمل يحتمل أن يكون للسنة كاملاً بأن يكون رأس الشهر زمان الطهر، فيكون سنة وقوعاً وإيقاعاً ويحتمَل أن يكون رأس الشهر زمان الحيض، فيكون سنة وقوعاً لا إيقاعاً.
ولو نوى ما هو بدعة حقيقة وهو الثلاث جملة في الحال يقع ثلاثاً. وإذا نوى (229ب1) ما تردد حاله بين السنة والبدعة أولى، ولو كانت آيسة أو صغيرة مدخولة فقال لها: أنت طالق ثلاثاً للسنة وقعت في الحال وطئها في الحال أو لم يطأها ويقع بعد شهر أخرى لأن الشهر في حق الأمة والصغيرة أقيم مقام الحيض في ذوات الأقراء فكما أن في حق ذوات الأقراء يقع أخرى إذا طهرت من الحيض فكذا في حق الآيسة والصغيرة إذا مضى شهر.
وفي «نوادر ابن سماعة» عن محمد رحمه الله إذا قال لأمرأته: أنت طالق كل شهر للسنة كانت قد أيست من المحيض تعتد بالشهور فهي طالق ثلاثاً عند كل شهر واحدة، وإن كانت تعتد بالحيض فهي طالق واحدة إن نوى ثلاثاً فيكون ثلاثاً بمنزلة قوله كل يوم.
وفي «الأصل» إذا طلق امرأته في طهر لم يجامعها فيه واحدة ثم راجعها في ذلك الطهر بالقول فله أن يطلقها ثانياً في ذلك الطهر، وكان سنة عند أبي حنيفة رحمه الله، وعند أبي يوسف رحمه الله لا يكون سنة، وعن محمد رحمه الله روايتان وعلى هذا الاختلاف إذا راجعها بالقبلة والملامسة فأبو يوسف رحمه الله يقول: الشرط للفصل بين طلاق السنة الحيضة الكاملة ولم يوجد ذلك ههنا. وأبو حنيفة رحمه الله يقول: الفصل بالحيضة إنما يعتبر إذا كانت الثانية تقع في العدة وبالمراجعة ارتفعت العدة فكانت الثانية بمنزلة ابتداء الإيقاع وقد حصل في طهر لا جماع فيه فيكون سنة.
ثم الفقه لأبي حنيفة رحمه الله في المسألة أن إيقاع الثانية حصل عن حاجة فيكون سنة كما لو كان مكان الرجعة نكاحاً. بيانه: أن الحاجة إلى إيقاع الثانية عليها حاجة الخلاص عنها عند عجزه عن الإمساك بالمعروف وقد تجددت هذه الحاجة بالمراجعة فإنه عاد حقها في القسم فيجب عليه الإمساك بالمعروف.
وذكر في «المنتقى» مسألة النكاح على الخلاف أيضاً، وصورة ما ذكر ثمة: إذا قال لامرأته ولم يدخل بها: طالق للسنة وقعت واحدة ساعة ما تكلم، فإن تزوجها وقعت أخرى ساعة تزوجها في قول أبي حنيفة رحمه الله، وقال أبو يوسف رحمه الله: لا تقع حتى يمضي شهر كامل من الطلاق الأول، وكذا لو كانت حاملاً فقال لها: أنت طالق ثلاثاً للسنة حتى وقعت واحدة ساعة ما تكلم ولو وضعت حملها بعد ذلك بيوم وتزوجها