الأب أولى. وروى هشام عن محمد رحمه الله أن الأم أولى بها إلى مبلغ حدّ الشهوة. فإن وقع الاختلاف بين الأم وبين الأب فقالت الأم: هذا ابن ست سنين وأنا أحق بإمساكه. وقال الأب: هو ابن سبع سنين وأنا أحق به، ينظر إلى الصبي إن استغنى بأن كان يأكل ويشرب ويلبس ويستنجي وحده دفع إلى الأب وإلا فلا؛ لأنا إنما اعتبرنا سبع سنين بطريق القيام مقام الاستغناء فإذا وقع الاختلاف في السن يجب بحكم الاستغناء.

فإن تركت الأم الولد على الأب هل تُجبر الأم على حضانته وتربيته؟ لم يذكر محمد رحمه الله هذه المسألة في «الأصل» ، وذكر شيخ الإسلام رحمه الله أنها لا تجبر إلا أن لا يكون للولد ذو رحم محرم سوى الأم، فحينئذ تجبر كيلا يفوت حق الولد، وذكر البقالي في «فتاويه» مطلقاً أنها لا تجبر، قال: وقد قيل خلافه. وفي «فتاوى أبي الليث» رحمه الله سئل أبو بكر الإسكاف رحمه الله عن حالة الصغيرتين لا زوج لهما قالت: لا آخذهما ولا أمنعهما عن الكون معي في منزلي فلها ذلك، فإن قالت: لا أدعهما حتى يكونا في منزلي، فإنها تجبر على أن يكونا معها في المنزل حتى يستغنيا.

قال الفقيه أبو الليث رحمه الله: عليها أن تتعاهدهما كما لو كانت تقدر على النفقة وهما محتاجان إلى النفقة تجبر على نفقتهما، فكذا إذا كانا محتاجين إلى التعاهد. وإن ماتت الأم فأُمُّ الأم أولى بحضانة الولد، وبعدها أم الأب أولى، وذكر البقالي عن أبي يوسف رحمه الله أن أم الأب أولى من أم الأم وبعد أم الأب الحضانة إلى الإخوان: أولهن الأخت لأب وأم، وبعدها الأخت الأم، وبعدها قال شيخ الإسلام: اختلفت الروايات ذكر في بعضها بنت الأخت لأب وأم، ثم بنت الأخت لأم ثم الخالة ثم بنات الخالة ثم الأخت لأب، وذكر في بعضها الأخت لأب بعد الأخت لأم ثم بنات الأخوات. ثم الخالات ثم العمات.

وذكر شمس الأئمة السرخسي رحمه الله أن بعد الأخت لأم اختلاف الروايات في تقديم الخالات على الأخت لأب. قال في كتاب النكاح: الأخت لأب أولى، وقال في كتاب الطلاق: الخالة أولى، فعلى رواية كتاب النكاح اعتبر القرب، والأخت لأب أقرب، وعلى رواية كتاب الطلاق اعتبر المدلى به، فقال: الأخت لأب تدلي بالأب، والخالة تدلي بالأم، والأم في الحضانة مقدمة على الأب، فمن يدلي بالأم يكون أولى ممن يدلي بالأب.

قال شمس الأئمة رحمه الله وبعد الأخوات بناتهن وبعدهن الخالات وبعدهن بنات الأخ وبعدهن العمات، والتي لأم في هذه القرابات أولى من التي لأب والخالة لأب أولى من العمة. وأما بنات العم والخال والعمة والخالة فلا حق لهن في الحضانة، هكذا ذكر القدوري رحمه الله، وذكر البقالي في «الفتاوى» روى أن أولاد العمات والخالات بمنزلتهن والظاهر خلافه، قال: ويستوي في حق الحضانة المسلمة والكتابية. قال الفقيه أبو بكر الرازي: إذا كانت الأم كافرة فعقل الولد فإنه يؤخذ منها جارية كانت أو غلاماً لأنه مسلم بإسلام الأب وإنما تعلمها الكفر فلا يؤمن من الفتنة إذا ترك عندها. ومن تزوج

طور بواسطة نورين ميديا © 2015