صحة العقد وفساده كان القول قول من يدّعي الصحة، وإن ادعى أحدهما أن النكاح في حالة الصغر بمباشرته؛ كان القول قوله؛ لأنه أضاف العقد إلى عدم الأهلية وهو حالة الصغر، فيكون منكراً العقد معنًى فيكون القول قوله، وسيأتي في مسألة الاختلاف في الشهادة بعد هذا في فصل الخصومة الواقعة بين الزوجين. وإذا كان القول قول من يدعي النكاح في حالة الصغر بعد هذا نقول لا نكاح بينهما ولا مهر لها (إن) لم يكن دخل بها قبل الإدراك، وإن كان قد دخل بها قبل الإدراك، فلها الأقل من المسمى ومن مهر المثل، ولا يثبت الرضا بهذا الدخول أما لها الأقل فلأن الدخول حصل في نكاح موقوف؛ لأن العقد من الصغير يتوقف على إجازة المولى إذا كان الولي يملك مباشرة ذلك، والدخول في النكاح الموقوف يوجب الأقل بمنزلة الدخول في النكاح الفاسد، وأما لا يثبت الرضا لأن الدخول أو التمكين دليل الرضا وصريح الرضا في حالة الصغر لا تعتبر فكذا دليل الرضا وإن دخل بها بعد الإدراك كان هذا رضا وإجازة للنكاح الذي كان بينهما في حالة الصفر؛ لأن صريح الرضا بذلك النكاح بعد الإدراك معتبر، فكذلك دليل الرضا وكان القاضي الإمام أبو علي النسفي رحمه الله يقول: إذا ادعى أحدهما أن النكاح كان في حالة الصغر بمباشرته فعلى رواية الحسن عن أبي حنيفة رحمه الله يقول له القاضي: هل كان النكاح بإذن الولي؛ فإن قال: لا، يقول له هل أجازه الولي؟ فإن قال: لا، يقول له: هل أجريته بعد البلوغ؟ فإن قال: لا، يقول له: هل من رأيك أن تجيزه فإن قال: لا؛ فرق القاضي بينهما، وهذا إذا قال ذلك ولم يوجد بينهما دخول بعد الإدراك، فأما إذا وجد فهو دليل الرضا إذا وقع
الاختلاف بين الزوج ووكيله بالنكاح فقال الوكيل: أُشهدت على النكاح، وقال الموكل: لا بل لم تشهد فالقول قول الوكيل ويفرق بينهما وعليه نصف الصداق إن لم يكن دخل بها، وإن وقع هذا الاختلاف بين المرأة ووكيلها فالقول قول الوكيل وهي امرأته لا يفرق بينهما، وهذا لأن الوكيل مع الموكل اتفقا على أصل العقد فيكون اتفاقاً بينهما على شرائطه، فالذي ينكر الإشهاد يكون في معنى الراجع فلا يقبل قوله.
إذا وكل رجلاً بأن يزوِّجه امرأة بعينها فزوجها إياه بأكثر من مهر مثلها، إن كان الزيادة بحيث يتغابن الناس في مثلها يجوز بلا خلاف، وإن كانت الزيادة بحيث لا يتغابن الناس فكذلك عند أبي حنيفة رحمه الله، وعندهما لا يجوز.
وهذا بناء على أن المطلق من الألفاظ يجري على إطلاقه ما لم يوجد دليل القيد غير أنهما يقولان وجد دليل القيد هو العرف، وأبو حنيفة رحمه الله يقول: العرف مشترك، وفرّق أبو حنيفة رحمه الله بين الوكيل بالنكاح وبين الوكيل بالشراء أن الوكيل بالشراء إذا اشترى بما لا يتغابن الناس في مثله يصير مشترياً لنفسه، والفرق: أن في مسألة الشراء أصل العقد مضاف إلى الوكيل؛ لأن الوكيل بالشراء يستغني عن إضافة العقد إلى موكله،