في الباب الأول من نكاح «واقعات الصدر الشهيد» رحمه الله إذا قال لأجنبية: إني أريد أن أزوجك من فلان، فقالت بالفارسية: توبة داني، لا يكون إذناً منها، ولو قالت: ذلك إليك فهو إذن وتوكيل، وهكذا ذكر في «أجناس الناطفي» عن أبي يوسف رحمهما الله.
وفي «واقعات الناطفي» رحمه الله: العبد إذا طلب من المولى أن يأذن له في النكاح، فقال المولى: ذلك إليك فهو إذن، ولو قال: أنت أعلم، أو قال بالفارسية: توبة دان فذلك ليس بإذن، وبعض مشايخنا قالوا: قوله توداني وتوبة دان في عرفنا تفويض وتوكيل بمنزلة قوله: ذلك إليك. وهكذا حكي عن الفقيه أبي بكر الإسكاف رحمه الله أنه كان يقول: إن قوله: توية دان إذن، ووافقه في ذلك الفقيه أبو القاسم أحمد بن حمر.
رجل زوج امرأة من رجل بغير أمرها، فبلغها الخبر فقالت باك نيت فهذا إجازة، هكذا ذكر الفقيه أبو الليث، وهو قول الفقيه أبي جعفر رحمهما الله؛ لأن هذا الكلام يستعمل في الإجازة في متعارف الناس، ومن مشايخ زماننا من أبى ذلك، وقال: إن قوله: بالانيت غير صلبي عن الإجازة، وهكذا كان يقول محمد بن سلمة رحمه الله ولكن هذا غير صواب؛ لأنه إن لم يكن منبئاً عن الإجازة، فهو مستعمل فيها، والإنباء ليس بشرط لا محالة إنما الشرط الاستعمال وقد وجد، وهو معنى كلام الفقيه أبي جعفر رحمه الله في تعليل هذه المسألة، هذا الكلام يراد به الإذن، وليس فيه معنى الإذن، أراد به أنه مستعمل في الإذن، وأنه لا ينبىء عن الإذن.
رجل زوج وليته وهي بالغة، فلما بلغها الخبر قالت: أنا لا أريد الأزواج، أو قالت: رضيت بيت أبي، فهذا لا يكون رداً للنكاح، ولو قالت: لا أريد فلاناً فهو رد للنكاح، هكذا ذكر في «المنتقى» عن محمد رحمه الله، وقيل: هو رد في الوجهين جميعاً، والأول أظهر وأقرب إلى الصواب.
وإذا استأمرها الولي في التزويج من رجل، فقالت: غيره أولى لم يكن ذلك إذناً في العقد، ولو أخبرها به بعد العقد، فقالت ذلك كان ذلك إجازة في «القدوري» .
في «فتاوى الفضلي» : في عم قال لبنت أخيه: إني أريد أن أزوجك من فلان، فقالت: يصلح، ثم لما فارقها العم، فقالت: لا أرضى، فزوجها العم قبل أن يعلم قولها: لا أرضى ممن سمى لها، قال: صح النكاح عند أبي حنيفة رحمه الله؛ لأن العم كالوكيل لا ينعزل قبل العلم، وأما عند محمد رحمه الله ينبغي أن لا يصح نكاح العم؛ لأن عنده العم ليس بوكيل وإنما يزوجها بحق له في تزويجها، وحين زوجها بحق الولاية زوجها وهي غير راضية بذلك فلا يجوز.
في «المنتقى» : البنت إذا قبلت الهدية، فليست بإجازة للنكاح، وإذا قبلت المهر فهو إجازة؛ لأن المهر ثمن رقبتها، وفيه أيضاً: إبراهيم عن محمد رحمهما الله: قال لامرأة: قد تزوجتك على ألف درهم، فقالت: ما زوجتك نفسي، ثم قالت بعد ذلك: قد زوجتك