فإذا ظهر الخطأ، والتدارك غير ممكن، وجب أن يسقط التكليف صيانة لجميع المسلمين، ولأن هذه شهادة قامت على النفي، وعلى أمر لا يدخل تحت الحكم والإلزام، ومثل هذه الشهادة لا تقبل.

وذكر الكرخي رحمه الله: إذا التبس على الناس هلال ذي الحجة، فأكملوا عدة ذي القعدة ثلاثين يوماً، ووقفوا في اليوم التاسع من ذي الحجة ثم تبين أن اليوم الذي كان وقوفهم صحيحاً وحجهم تاماً استحساناً، والقياس: أن لا يجوز.

وفي «المنتقى» : عمرو بن أبي عمرو عن محمد رحمه الله: إذا قيل الحجاج..... بريدون، فأبصر بعضهم هلال ذي الحجة، فرد الإمام شهادتهم، وعدّ الإمام ذا القعدة ثلاثين يوماً، ووقف يوم التاسع بعرفة وهو اليوم العاشر في شهادة الشهود، ووقف الشهود معه، فحجهم تام، هم وغيرهم في الحج سواء، وإن استيقنوا أن هذا اليوم يوم النحر. ولو أن هؤلاء الشهود بعدما رد الإمام شهادتهم وقفوا بعرفات على ما رأوا عليه الهلال قبل وقوف الإمام بيوم ولم يقفوا مع الإمام من الغد، فقد فاتهم الحج، وعليهم أن يحلوا بعمرة، وعليهم الحج من قابل.

وفيه أيضاً: ولو أن قوماً من الحجاج أو من غيرهم أتوا الإمام وشهدوا عنده في صبيحة يوم عرفة أنهم رأوا الهلال قبل عدد الثلاثين بيوم، وهذا اليوم يوم النحر وهم عدول لا تقبل شهادتهم، ووقف بالناس على عدده الذي عدّوا، ووقف معه هؤلاء الشهود أجزأهم؛ لأن الإمام لا ينبغي له أن يبطل الحج في سنة من السنين، حتى لا يكون فيها حج. وكذلك لو كانوا شهدوا بذلك في آخر ليلة عرفة في ساعة، إن طلب (186أ1) الإمام المسلمين أن يأتوا عرفة، فيقفوا بها لم يدركوها حتى يطلع الفجر لا تقبل هذه الشهادة، وإن شهد في أول الليل أو في عشي اليوم الذي هو يوم عرفة في شهادتهم، وكان الإمام والمسلمون يقدرون على أن يمضوا إلى عرفات حتى يقفوا بها قبل الإمام شهادتهم، قال: ولا ينبغي أن يقبل في هذا شهادة الواحد والاثنين ونحو ذلك في الاستحسان.

وأما في القياس فتقبل فيه شهادة العدلين، وأما الذي تقبل فيه شهادة العدلين قياساً واستحساناً إذا كان القوم يقدرون على الوقوف على ما أمروا به، معناه: أن الشهود إذا شهدوا في زمان يمكّنهم الوقوف بعرفة نهاراً تقبل شهادة عدلين، وإذا شهدوا في زمان لا يمكنهم الوقوف بعرفة نهاراً، ويحتاجون إلى الوقوف بها ليلاً لا تقبل فيه شهادة العدلين، لأن الوقوف يتحول بشهادته حتى يوقف بالليل مكان النهار، فلا يقبل فيه الأمر الظاهر.

وفيه أيضاً: لو شهدوا عند الإمام عدلان على رؤية الهلال في أول العشر من ذي الحجة أو شهود عدول، فرأى أن لا يقبل ذلك حتى يراه العامة، يعني حتى يشهد عنده جماعة كذلك، ومضى ما رأى ووقف في يوم هو يوم النحر في شهادة الشهود، ووقف

طور بواسطة نورين ميديا © 2015