فَلَمَّا حُمِلَ إِلَى بَيْتِهِ دَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ جَزَاكَ اللَّهُ عَنِ الإِسْلامِ خَيْرًا فَقَدْ كُنْتَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَتَعْمَلُ فِي الأَرْضِ نُصْحًا فَقَبَضَ اللَّهُ رَسُولَهُ وَهُوَ عَنْكَ رَاضٍ ثُمَّ اسْتَخْلَفَكَ اللَّهُ فَعَمِلْتَ فِي خِلافَتِهِ الَّذِي يَحِقُّ عَلَيْكَ قَالَ يَا بُنَيَّ أَمَّا الأَمْرَانِ الأَوَّلانِ فالبحرى أَنْ يَكُونَ كَمَا ذَكَرْتَ وَأَمَّا الْخِلافَةُ فَلَيْتَ عُمَرَ أَفْلَتَ مِنْهَا كَفَافًا لَا عَلَيْهِ وَلَا لَهُ ثُمَّ دَخَلَ عَلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَمَا وَاللَّهِ لَئِنْ مِتَّ لَقَدْ كَانَ إِسْلامُكَ لَعِزًّا وَلَقَدْ كَانَتْ خِلافَتُكَ لَنَصْرًا وَلَقَدْ مَلأْتَ الأَرْضَ عَدْلا قَالَ الله تشهد لي بهَا يَا ابْن أَخِي عِنْدَ رَبِّي إِذَا قُمْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ قَالَ نَعَمْ قَالَ عُمَرُ وَكُلُّكُمْ يَقُولُ كَمَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ قَالُوا نَعَمْ قَالَ فَمَا أُبَالِي مَا لَقِيتُ قَالَ فَوَضَعَ رَأْسَهُ فِي حِجْرِ عَلِيٍّ قَالَ ثُمَّ فِي حِجْرِ ابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ ثُمَّ قَالَ يَا بُنَيَّ إِذَا رَأَيْت النَّفس قد بلغت اللهاة فضع ركبتك فِي ظَهْرِي وَشِمَالَكَ تَحْتَ حَنَكِي وَيَمِينَكَ تَحْتَ جَبْهَتِي فَتُغْمِضَ عيْنِي وَلَا تَغْلُ فِي الْكَفَنِ فَإِنْ يَكُنْ رَبِّي عَنِّي رَاضِيًا فَلَنْ يَرْضَى لِي بِكِسْوَةٍ دُونَ ثِيَابِ الْجَنَّةِ وَإِنْ يَكُ رَبِّي عَليّ ساخطا فَإِنَّهُ سبيلي سَرِيعًا وَلا تُوسِعْ لِي فِي قَبْرِي إِلا قدر رجل فَإِن يرض عني رَبِّي فيوسع عَلَيَّ قَبْرِي قَدْرَ مَدَّ بَصَرِي وَإِنْ يَكُ عَلَيَّ سَاخِطًا فَسَيَضِيقَ عَلَيَّ قَبْرِي حَتَّى تَخْتَلِفَ أَضْلاعِي وَلا تُزَكُّونِي بَيْنَكُمْ فَإِنَّ رَبِّي أَعْلَمُ بِي مِنْكُمْ وَلا تَبْكِ عَلَيَّ امْرَأَةٌ بَاكِيَةٌ وَلَا محمر وَعَجِّلُوا بِالْمَشْيِ عِنْدَ حَمْلِ النَّعْشِ فَإِمَّا خَيْرًا تُبَلِّغُونِيهِ وَإِمَّا شَرًّا تَضَعُونَهُ عَنْ رِقَابِكُمْ فَلَمَّا دُفِنَ جَاءَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلامٍ