تَرْكُهَا، وَهِيَ زِيَادَةُ خَيْرٍ؟ وَإِنَّمَا لَمْ نَقُلْ بِوُجُوبِ التَّسْلِيمَتَيْنِ جَمِيعًا فَرْضًا كَمَا قَالَ الْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ: فَلِأَنَّ الثَّانِيَةَ إنَّمَا هِيَ فِعْلُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَيْسَتْ أَمْرًا مِنْهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وَإِنَّمَا يَجِبُ أَمْرُهُ لَا فِعْلُهُ؟ وَتَفْرِيقُ مَالِكٍ بَيْنَ سَلَامِ الْمَأْمُومِ وَالْإِمَامِ وَالْمُنْفَرِدِ -: قَوْلٌ لَا بُرْهَانَ لَهُ عَلَيْهِ، لَا مِنْ قُرْآنٍ وَلَا مِنْ سُنَّةٍ صَحِيحَةٍ وَلَا سَقِيمَةٍ وَلَا إجْمَاعٍ وَلَا قَوْلٍ لِصَاحِبٍ وَلَا قِيَاسٍ؟ وَإِنَّمَا قُلْنَا: إنَّ التَّسْلِيمَ خُرُوجٌ عَنْ الصَّلَاةِ فَقَطْ، لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ابْتِدَاءَ سَلَامٍ وَلَا رَدًّا، لِبُرْهَانَيْنِ -: أَحَدُهُمَا: الثَّابِتُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ طَرِيقِ ابْنِ مَسْعُودٍ «أَنَّ اللَّهَ أَحْدَثَ مِنْ أَمْرِهِ أَنْ لَا تَكَلَّمُوا فِي الصَّلَاةِ»
وَأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَالَ: «إنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ» مِنْ طَرِيقِ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ وَالتَّسْلِيمُ الْمَقْصُودُ بِهِ الِابْتِدَاءُ أَوْ الرَّدُّ: كَلَامٌ مَعَ النَّاسِ، وَهَذَا مَنْسُوخٌ لَا يَحِلُّ، بَلْ تَبْطُلُ بِهِ الصَّلَاةُ إنْ وَقَعَ؟ وَالثَّانِي: أَنَّهُمْ مُجْمِعُونَ مَعَنَا عَلَى أَنَّ الْفَذَّ يَقُولُ " السَّلَامُ عَلَيْكُمْ، وَلَيْسَ بِحَضْرَتِهِ إنْسَانٌ يُسَلِّمُ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ الْإِمَامُ لَا يَكُونُ مَعَهُ إلَّا الْوَاحِدُ، فَإِنَّهُ يَقُولُ " السَّلَامُ عَلَيْكُمْ " بِخِطَابِ الْجَمَاعَةِ
فَصَحَّ أَنَّهُ لَيْسَ ابْتِدَاءَ سَلَامٍ عَلَى إنْسَانٍ وَلَا رَدًّا؟ فَإِنْ ذَكَرَ ذَاكِرٌ مَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ: ثِنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَبُو كُرَيْبٌ قَالَا: ثِنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ الْمُسَيِّبِ بْنِ رَافِعٍ عَنْ تَمِيمِ بْنِ طَرَفَةَ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ: «خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: مَالِي أَرَاكُمْ رَافِعِي أَيْدِيكُمْ كَأَنَّهَا أَذْنَابُ خَيْلٍ شُمْسٍ؟ اُسْكُنُوا فِي الصَّلَاةِ» ؟