وَرُوِّينَا عَنْ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - نَحْوَ هَذَا؟ .
فَهَذَا فِعْلُ الْخَلِيفَتَيْنِ بِحَضْرَةِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، وَإِجْمَاعُهُمْ مَعَهُمْ عَلَى ذَلِكَ؟ وَرُوِّينَا عَنْ الْحَجَّاجِ بْنِ الْمِنْهَالِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دَاوُد الْخُرَيْبِيِّ قَالَ: أَذَّنَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ فِي الْمَنَارِ وَأَقَامَ فِي الْمَنَارِ، ثُمَّ نَزَلَ فَأَمَّنَا.
وَقَوْلُنَا هُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ، وَدَاوُد، وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، وَأَحَدُ قَوْلَيْ أَبِي يُوسُفَ.
قَالَ عَلِيٌّ: وَاحْتَجَّ مُقَلِّدُ أَبِي حَنِيفَةَ بِأَثَرٍ رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ عَاصِمِ الْأَحْوَلِ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ «أَنَّ بِلَالًا قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَا تَسْبِقْنِي بِآمِينَ» .
وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّهُ كَانَ مُؤَذِّنًا لِلْعَلَاءِ بْنِ الْحَضْرَمِيِّ بِالْبَحْرَيْنِ فَقَالَ لَهُ أَبُو هُرَيْرَةَ: لِتَنْتَظِرَنِّي بِآمِينَ أَوْ لَا أُؤَذِّنُ لَك.
قَالَ عَلِيٌّ: وَاحْتِجَاجُهُمْ بِهَذَيْنِ الْأَثَرَيْنِ مِنْ أَقْبَحِ مَا يَكُونُ مِنْ التَّمْوِيهِ فِي الدِّينِ وَإِقْدَامٌ عَلَى الْفَضِيحَةِ بِالتَّدْلِيسِ عَلَى مَنْ اغْتَرَّ بِهِمْ وَدَلِيلٌ عَلَى قِلَّةِ الْوَرَعِ جُمْلَةً، لِأَنَّهُمْ لَا يَرَوْنَ لِلْمَأْمُومِ أَنْ يَقْرَأَ خَلْفَ الْإِمَامِ أَصْلًا بَلْ يَرَوْنَ لِلْإِمَامِ أَنْ يَقُولَ: {وَجَّهْتُ وَجْهِيَ} [الأنعام: 79] إلَى آخِرِ الْكَلَامِ الْمَرْوِيِّ فِي ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَقْرَأَ " أُمَّ الْقُرْآنِ " وَبِالضَّرُورَةِ وَالْمُشَاهَدَةِ يَدْرُونَ أَنَّ الْمُقِيمَ إذَا قَالَ: " قَدْ قَامَتْ الصَّلَاةُ " فَكَبَّرَ الْإِمَامُ فَلَمْ يَبْقَ عَلَى الْمُقِيمِ شَيْءٌ إلَّا أَنْ يَقُولَ: " اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ ".
فَمِنْ الْمُحَالِ الْمُمْتَنِعِ الَّذِي لَا يُشْكِلُ أَنْ يَكُونَ الْإِمَامُ يُتِمُّ قِرَاءَةَ " أُمِّ الْقُرْآنِ " قَبْلَ أَنْ يُتِمَّ الْمُقِيمُ قَوْلَ " اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ " ثُمَّ يُكَبِّرَ.
فَكَيْفَ يَكُونُ هَذَا دَلِيلًا عَلَى أَنَّ الْإِمَامَ يُكَبِّرُ إذَا قَالَ الْمُقِيمُ " قَدْ قَامَتْ الصَّلَاةُ ".
بَلْ لَوْ كَبَّرَ الْإِمَامُ مَعَ ابْتِدَاءِ الْمُقِيمِ الْإِقَامَةَ لَمَا أَتَمَّ " أُمَّ الْقُرْآنِ " أَصْلًا إلَّا بَعْدَ إتْمَامِ الْمُقِيمِ الْإِقَامَةَ، وَبَعْدَ أَنْ يُكَبِّرَ لِلْإِحْرَامِ، فَكَيْفَ بِثَلَاثِ كَلِمَاتٍ؟