الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ، وَقَالَ مُغِيرَةُ عَنْ إبْرَاهِيمَ، ثُمَّ اتَّفَقَ الْحَكَمُ، وَإِبْرَاهِيمُ عَنْ عَلِيٍّ، وَالْحَسَنِ: أَنَّ الْحَسَنَ أَفْتَى فِي امْرَأَةٍ افْتَضَّتْ امْرَأَةً بِأُصْبُعِهَا أَنَّ عَلَيْهَا وَالْمُمْسِكَاتُ الصَّدَاقُ بَيْنَهُنَّ - هَكَذَا قَالَ الْمُغِيرَةُ.
وَقَالَ الْحَكَمُ فِي رِوَايَتِهِ: عَلَى الْمُفْتَضَّةِ وَحْدَهَا - وَاتَّفَقَا أَنَّ عَلِيًّا قَضَى بِذَلِكَ.
وَعَنْ الزُّهْرِيِّ - لَوْ افْتَضَّتْ امْرَأَةٌ بِأُصْبُعِهَا غَرِمَتْ صَدَاقَهَا، كَصَدَاقِ امْرَأَةٍ مِنْ نِسَائِهَا.
وَعَنْ عِيَاضِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ قَاضِي أَهْل مِصْرَ: كَتَبَ إلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي صَبِيٍّ افْتَرَعَ صَبِيَّةً بِأُصْبُعِهِ؟ فَكَتَبَ إلَيْهِ عُمَرُ: لَمْ يَبْلُغْنِي فِي هَذَا شَيْءٌ، وَقَدْ جَمَعْت لِذَلِكَ، فَاقْضِ فِيهِ بِرَأْيِك، فَقَضَى لَهَا عَلَى الْغُلَامِ بِخَمْسِينَ دِينَارًا؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: هَذَا عَنْ عَلِيٍّ مُرْسَلٌ.
وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ» .
فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقْضَى هَاهُنَا بِصَدَاقٍ، لِأَنَّهُ لَيْسَ زَوَاجًا، وَلَا صَدَاقَ إلَّا فِي نِكَاحِ زَوَاجٍ - إذْ لَمْ يُوجِبْهُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ نَصٌّ، وَلَا إجْمَاعٌ، فَسَوَاءٌ كَانَ الْمُفْتَضُّ بِأُصْبُعِهِ رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً: لَا غَرَامَةَ فِي ذَلِكَ أَصْلًا، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يُوجِبْ فِي ذَلِكَ غَرَامَةً، وَلَا رَسُولَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
فَإِنْ شَنَّعُوا - فَإِنَّ هَذَا قَوْلُ عَلِيٍّ، وَالْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ؟ قُلْنَا لَهُمْ: فَإِنَّ هَذَيْنِ الْخَبَرَيْنِ لَيْسَ فِيهِمَا إيجَابُ نَكَالٍ عَلَى الْمُفْتَضِّ وَالْمُفْتَضَّةِ أَصْلًا، وَأَنْتُمْ تُوجِبُونَ فِي ذَلِكَ الْأَدَبَ، وَهَذَا خِلَافٌ مِنْكُمْ لِمَا تُشَنِّعُونَ بِهِ مِنْ حُكْمِ عَلِيٍّ، وَالْحَسَنِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - وَعَارُ هَذَا وَإِثْمُهُ إنَّمَا يَلْزَمُ مَنْ أَوْجَبَ فَرْضًا اتِّبَاعَ مَا رُوِيَ عَنْ الصَّاحِبِ، ثُمَّ هُوَ مَعَ ذَلِكَ أَوَّلُ مُخَالِفٍ لَهُ.
وَأَمَّا نَحْنُ فَلَا يَلْزَمُ عِنْدَنَا اتِّبَاعُ أَحَدٍ غَيْرَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَطْ، فَلَا حَرَجَ عَلَيْنَا فِي مُخَالِفَةِ مَا لَا نَرَاهُ وَاجِبًا، وَلَكِنْ عَلَى الْمُفْتَضِّ بِأُصْبُعِهِ امْرَأَةَ، وَالْمُفْتَضَّةِ بِأُصْبُعِهَا امْرَأَةً، وَمُدْخِلُ شَيْءٍ فِي دُبُرِ آخَرَ: التَّعْزِيرُ، لِأَنَّ كُلَّ مَا ذَكَرْنَا مَعْصِيَةٌ وَمُنْكَرٌ، لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ: