يَشْتَهِي بَلْ هُوَ تَعَدٍّ لِحُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى، وَشَرَعَ فِي الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ يَقُولُ تَعَالَى: {وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ} [الطلاق: 1] .
وَإِنَّمَا يَلْزَمُ هَذَا مَنْ قَامَتْ عَلَيْهِ الْحُجَّةُ فَتَمَادَى عَلَى الْخَطَأِ نَاصِرًا لِلتَّقْلِيدِ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَإِذْ لَمْ يَأْتِ بِمِثْلِ قَوْلِ الزُّهْرِيِّ قُرْآنٌ، وَلَا سُنَّةٌ صَحِيحَةٌ، فَالْأَبْشَارُ مُحَرَّمَةٌ وَالْحُدُودُ، فَلَا حَدَّ فِي هَذَا أَصْلًا - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
فَإِنْ ذَكَرُوا: مَا نَاهٍ أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ نا أَبِي قَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ قَاسِمٍ نا جَدَّيْ قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ نا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ نا هِشَامُ بْنُ خَالِدٍ نا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ ثَنْي عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ني عَنْبَسَةُ بْنُ سَعِيدٍ نا مَكْحُولٌ عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «السِّحَاقُ زِنًى بِالنِّسَاءِ بَيْنَهُنَّ» فَإِنَّ هَذَا لَا يَصِحُّ، لِأَنَّهُ عَنْ بَقِيَّةٍ - وَهُوَ ضَعِيفٌ - وَلَمْ يُدْرِكْ مَكْحُولًا، وَوَاثِلَةَ، فَهُوَ مُنْقَطِعٌ.
ثُمَّ لَوْ صَحَّ لَمَا كَانَ فِيهِ مَا يُوجِبُ الْحُكْمَ بِالْحَدِّ فِي ذَلِكَ، لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَدْ بَيَّنَ فِي حَدِيثِ الْأَسْلَمِيِّ مَا هُوَ الزِّنَى الْمُوجِبُ لِلْحَدِّ، وَإِنَّمَا هُوَ إتْيَانُ الرَّجُلِ مِنْ الْمَرْأَةِ حَرَامًا مَا يَأْتِي مِنْ أَهْلِهِ حَلَالًا.
وَأَخْبَرَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنَّ الْأَعْضَاء تَزْنِي، وَأَنَّ الْفَرْجَ يُكَذِّبُ ذَلِكَ أَوْ يُصَدِّقُهُ فَصَحَّ أَنْ لَا زِنًى بَيْنَ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ إلَّا بِالْفَرْجِ الَّذِي هُوَ الذَّكَرُ فِي الْفَرْجِ الَّذِي هُوَ مَخْرَجُ الْوَلَدِ فَقَطْ.
وَلَقَدْ كَانَ يَلْزَمُ هَذَا الْخَبَرِ مَنْ رَأَى بِرَأْيِهِ أَنَّ فِعْلَ قَوْمِ لُوطٍ أَعْظَمُ الزِّنَى، فَإِنَّهُ لَيْسَ مَعَهُمْ فِيهِ نَصٌّ أَصْلًا، وَلَوْ وَجَدُوا مِثْلَ هَذَا لَطَغَوْا وَبَغَوْا.
فَسَقَطَ هَذَا جُمْلَةً وَاحِدَةً.
ثُمَّ نَظَرْنَا فِي قَوْلِ الْحَسَنِ فِي إبَاحَة ذَلِكَ - فَوَجَدْنَاهُ خَطَأً، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ} [المؤمنون: 5] {إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} [المؤمنون: 6] إلَى قَوْلِهِ {الْعَادُونَ} [المؤمنون: 7] .
وَصَحَّ بِالدَّلِيلِ مِنْ الْقُرْآنِ، وَبِالْإِجْمَاعِ: أَنَّ الْمَرْأَةَ لَا تَحِلُّ لِمِلْكِ يَمِينِهَا وَأَنَّهُ مِنْهَا ذُو مَحْرَمٍ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَسْقَطَ الْحِجَابَ عَنْ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ عَنْ عَبِيدِهِنَّ مَعَ ذِي مَحَارِمِهِنَّ مِنْ النِّسَاءِ.