ذَلِكَ فَيُوقَفُ عِنْدَهُ، وَقَدْ مَنَعَ النَّصُّ مِنْ قَبُولِ الْكَافِرِ وَالْفَاسِقِ، وَأَخْبَرَ النَّصُّ: أَنَّ شَهَادَةَ الْمَرْأَةِ نِصْفُ شَهَادَةِ الرَّجُلِ، وَأَنَّ الصِّبْيَانَ غَيْرُ مُخَاطَبِينَ بِشَيْءٍ مِنْ الْأَحْكَامِ، فَخَرَجَ هَؤُلَاءِ مِنْ حُكْمِ الشَّهَادَةِ حَسْبَمَا أَخْرَجَهُمْ النَّصُّ فَقَطْ.
وَأَيْضًا - فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا} [الحجرات: 6] الْآيَةُ فَصَحَّ أَنَّ هَذَا حُكْمٌ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى وَارِدٌ فِي كُلِّ مَا يَحْكُمُ بِهِ عَلَى أَحَدٍ فِي دَمِهِ وَمَالِهِ، وَبَشَرَتِهِ، وَفِي كُلِّ حُكْمٍ.
فَلَوْلَا النَّصُّ الثَّابِتُ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَكَمَ بِيَمِينِ الطَّالِبِ مَعَ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ» وَصَحَّ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَمْ يَحْكُمْ بِشَهَادَةِ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ دُونَ يَمِينٍ مَعَهَا» لَوَجَبَ قَبُولُ شَاهِدٍ وَاحِدٍ بِالْآيَةِ الْمَذْكُورَةِ، إلَّا حَيْثُ جَاءَ النَّصُّ بِاثْنَيْنِ أَوْ أَرْبَعَةٍ.
فَلَمَّا كَانَ هَذَانِ الْحُكْمَانِ لَا يَجُوزُ فِيهِمَا تَحْلِيفُ الطَّالِبِ، لِأَنَّهَا لَيْسَا حَقًّا وَاحِدًا، وَإِنَّمَا هُمَا لِلَّهِ تَعَالَى وَجَبَ أَنْ لَا يَجُوزَ فِيهِمَا إلَّا مَا قَالَ قَائِلُونَ بِإِجَازَتِهِ - وَهُوَ شَهَادَةُ اثْنَيْنِ، أَوْ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ، أَوْ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ كَسَائِرِ الْأَحْكَامِ.
وَأَمَّا الزِّنَى وَحْدَهُ فَلَا يُقْبَلُ فِيهِ أَقَلُّ مِنْ أَرْبَعَةٍ بِالنَّصِّ الْوَارِدِ فِي ذَلِكَ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
2307 - مَسْأَلَةُ: السَّحْقِ