فَإِنْ قَالُوا: إنَّهَا كَانَتْ تُعِينُهُمْ عَلَى ذَلِكَ الْعَمَلِ؟ قُلْنَا: فَارْجُمُوا كُلَّ مَنْ أَعَانَ عَلَى ذَلِكَ الْعَمَلِ بِدَلَالَةٍ أَوْ قِيَادَةٍ وَإِلَّا فَقَدْ تَنَاقَضْتُمْ وَأَبْطَلْتُمْ احْتِجَاجَكُمْ بِالْقُرْآنِ، وَخَالَفْتُمُوهُ.
وَأَيْضًا - فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَخْبَرَ أَنَّهُمْ رَاوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ، فَطَمَسَ أَعْيُنَهُمْ، فَيَلْزَمُهُمْ وَلَا بُدَّ أَنْ يُسْمِلُوا عُيُونَ فَاعِلِي فِعْلَ قَوْمِ لُوطٍ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَرْجُمْهُمْ فَقَطْ، لَكِنْ طَمَسَ أَعْيُنَهُمْ، ثُمَّ رَجَمَهُمْ، فَإِذْ لَمْ يَفْعَلُوا هَذَا، فَقَدْ خَالَفُوا حُكْمَ اللَّهِ تَعَالَى فِيهِمْ، وَأَبْطَلُوا حُجَّتَهُمْ.
وَيَلْزَمُهُمْ أَيْضًا - أَنْ يَطْمِسُوا عَيْنَيْ كُلَّ مَنْ رَاوَدَ آخَرَ.
وَيَلْزَمُ أَيْضًا - أَنْ يُحْرِقُوا بِالنَّارِ مَنْ أَنْقَصَ الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَحْرَقَ بِالنَّارِ قَوْمَ شُعَيْبٍ فِي ذَلِكَ.
وَيَلْزَمُهُمْ - أَنْ يَقْتُلُوا مِنْ عُقْرِ نَاقَةِ آخَرَ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَهْلَك قَوْمَ صَالِحٍ إذْ عَقَرُوا النَّاقَةَ، إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ عَذَابِ اللَّهِ تَعَالَى قَوْمَ لُوطٍ بِطَمْسِ الْعُيُونِ، وَالرَّجْمِ - إذْ أَتَوْا تِلْكَ الْفَاحِشَةَ - وَبَيْنَ إحْرَاقِ قَوْمِ شُعَيْبٍ إذْ بَخَسُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ - وَبَيْنَ إهْلَاكِهِ قَوْمِ صَالِحٍ إذْ عَقَرُوا النَّاقَةَ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا} [الشمس: 13] {فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا} [الشمس: 14] إلَى آخِرِ السُّورَةِ.
ثُمَّ نَظَرْنَا فِي قَوْلِ مَنْ لَمْ يَرَ فِي ذَلِكَ حَدًّا: فَوَجَدْنَاهُمْ يَحْتَجُّونَ بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ} [الفرقان: 68] إلَى قَوْلِهِ {إِلا مَنْ تَابَ} [الفرقان: 70] .
وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ: كُفْرٌ بَعْدَ إيمَانٍ وَزِنًى بَعْدَ إحْصَانٍ أَوْ نَفْسًا بِنَفْسٍ» .
وَقَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «إنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ وَأَبْشَارَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ»