وَفِيهِ فَقَامَ رَجُلٌ غَائِرُ الْعَيْنَيْنِ مُشْرِفُ الْوَجْنَتَيْنِ، نَاشِزُ الْجَبْهَةِ، كَثُّ اللِّحْيَةِ، مَحْلُوقُ الرَّأْسِ مُشَمِّرُ الْإِزَارِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ اتَّقِ اللَّهَ، فَقَالَ: وَيْلَكَ، أَلَسْتُ أَحَقَّ أَهْلِ الْأَرْضِ أَنْ يَتَّقِيَ اللَّهَ؟ قَالَ: ثُمَّ وَلَّى الرَّجُلُ، فَقَالَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَا أَضْرِبُ عُنُقَهُ؟ قَالَ: لَعَلَّهُ يَكُونُ يُصَلِّي؟» قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَمِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ نا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ نا أَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي نُعْمٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ «بَعَثَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِذَهَبِيَّةٍ فِي تُرْبَتِهَا فَذَكَرَ الْخَبَرَ. وَفِيهِ فَجَاءَ رَجُلٌ كَثُّ اللِّحْيَةِ مُشْرِفُ الْوَجْنَتَيْنِ غَائِرُ الْعَيْنَيْنِ نَاتِئُ الْجَبِينِ مَحْلُوقُ الرَّأْسِ، فَقَالَ: اتَّقِ اللَّهَ يَا مُحَمَّدُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَمِنْ يُطِعْ اللَّهَ إنْ لَمْ أُطِعْهُ؟ أَيَأْمَنُنِي عَلَى أَهْلِ الْأَرْضِ، وَلَا تَأْمَنُنِي - ثُمَّ أَدْبَرَ الرَّجُلُ، فَاسْتَأْذَنَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ فِي قَتْلِهِ - يَرَوْنَ أَنَّهُ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَخْرُجُ مِنْ ضِئْضِئِ هَذَا قَوْمٌ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ، يَقْتُلُونَ أَهْلَ الْإِسْلَامِ وَيَدَعُونَ أَهْلَ الْأَوْثَانِ، يَمْرُقُونَ مِنْ الْإِسْلَامِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ، لَئِنْ أَدْرَكْتُهُمْ لَأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ عَادٍ» ؟ . قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: فَأَخْبَرَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنَّهُ يُقَاتِلُ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ، وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ حَرُمَتْ دِمَاؤُهُمْ. فَصَحَّ أَنَّهُمْ إنْ لَمْ يَفْعَلُوا ذَلِكَ حَلَّتْ دِمَاؤُهُمْ، وَنَهَى عَنْ قَتْلِ الْأَئِمَّةِ مَا صَلُّوا.
فَصَحَّ أَنَّهُمْ إنْ لَمْ يُصَلُّوا قُوتِلُوا.
وَصَحَّ أَنَّ الْقَتْلَ بِالصَّلَاةِ حَرَامٌ، فَوَجَبَ أَنَّهُ بِغَيْرِ الصَّلَاةِ حَلَالٌ.
وَصَحَّ أَنَّهُ نَهَى عَنْ قَتْلِ الْمُصَلِّينَ.
فَصَحَّ أَنَّهُ لَمْ يَنْهَ عَنْ قَتْلِ غَيْرِ الْمُصَلِّينَ - مَا نَعْلَمُ لَهُمْ حُجَّةً فِي إبَاحَةِ قَتْلِ مَنْ لَا يُصَلِّي غَيْرَ هَذَا - وَكُلُّهُ لَا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ، عَلَى مَا نُبَيِّنُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى: أَمَّا الْآيَةَ - فَإِنَّ نَصَّهَا قِتَالُ الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُقِيمُوا الصَّلَاةَ، وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ.
وَلَا يَخْتَلِفُ اثْنَانِ مِنْ الْأُمَّةِ فِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَزَلْ يَدْعُو الْمُشْرِكِينَ إلَى الْإِيمَانِ حَتَّى مَاتَ - إلَى رِضْوَانِ اللَّهِ تَعَالَى وَكَرَامَتِهِ - وَأَنَّهُ فِي كُلِّ ذَلِكَ لَمْ يَثْقَفْ مَنْ