فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: قَدْ جَاءَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - «عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ مِنْ بَعْدِي؟» قُلْنَا: سُنَّةُ الْخُلَفَاءِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - هِيَ اتِّبَاعُ سُنَّتِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وَأَمَّا مَا عَمِلُوهُ - بِاجْتِهَادٍ فَلَا يَجِبُ اتِّبَاعُ اجْتِهَادِهِمْ فِي ذَلِكَ.
وَقَدْ صَحَّ عَنْ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، وَابْنِ الزُّبَيْرِ، وَخَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ، وَغَيْرِهِمْ: الْقَوَدُ مِنْ اللَّطْمَةِ - وَالْحَنَفِيُّونَ، وَالْمَالِكِيُّونَ، وَالشَّافِعِيُّونَ، لَا يَقُولُونَ بِذَلِكَ.
وَأَمَّا نَحْنُ فَلَيْسَ الْإِجْمَاعُ عِنْدَنَا إلَّا الَّذِي تَيَقَّنَ أَنَّهُمْ أَوَّلُهُمْ عَنْ آخِرِهِمْ قَالُوا بِهِ، وَعَمِلُوهُ، وَصَوَّبُوهُ، دُونَ سُكُوتٍ مِنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ، وَلَا خِلَافٍ مِنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ، فَهَذَا حَقًّا هُوَ الْإِجْمَاعُ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
فَإِذْ إنَّمَا جَاءَ الْقُرْآنُ، وَالسُّنَّةُ، بِقَطْعِ يَدِ السَّارِقِ لَا بِقَطْعِ رِجْلِهِ، فَلَا يَجُوزُ قَطْعُ رِجْلِهِ أَصْلًا، وَهَذَا مَا لَا إشْكَالَ فِيهِ - وَالْحَمْدُ لِلَّهِ.
فَوَجَبَ مِنْ هَذَا إذَا سَرَقَ الرَّجُلُ، أَوْ الْمَرْأَةُ، أَنْ يَقْطَعَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَدًا وَاحِدَةً، فَإِنْ سَرَقَ أَحَدُهُمَا ثَانِيَةً قُطِعَتْ يَدُهُ الثَّانِيَةُ، بِالنَّصِّ مِنْ الْقُرْآنِ، وَالسُّنَّةِ، فَإِنْ سَرَقَ فِي الثَّالِثَةِ عُذِّرَ، وَثُقِّفَ، وَمُنِعَ النَّاسُ ضُرَّهُ، حَتَّى يَصْلُحَ حَالُهُ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
2288 - مَسْأَلَةٌ: صِفَةُ قَطْعِ الْيَدِ؟ قَدْ ذَكَرْنَا عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي قَطْعِ الْأَصَابِعِ مِنْ الْيَدِ، وَقَطْعِ نِصْفِ الْقَدَمِ مِنْ الرِّجْلِ.
وَذَكَرْنَا قَوْلَ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَغَيْرِهِ فِي قَطْعِ كُلِّ ذَلِكَ مِنْ الْمِفْصَلِ.
وَأَمَّا الْخَوَارِجُ - فَرَأَوْا فِي ذَلِكَ قَطْعَ الْيَدِ مِنْ الْمِرْفَقِ، أَوْ الْمَنْكِبِ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِكَ بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: 38] .