قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: فَبَطَلَ كُلُّ مَا مَوَّهُوا بِهِ مِنْ ذَلِكَ - وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ - ثُمَّ نَظَرْنَا فِي ذَلِكَ فِي قَوْلِ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ، فَرَأَى عَلَيْهِ الْقَطْعَ إذَا سَرَقَ مِنْ مَالِهَا، وَلَمْ يَرَ عَلَيْهَا الْقَطْعُ إذَا سَرَقَتْ مِنْ مَالِهِ.
فَوَجَدْنَاهُمْ يَقُولُونَ " إنْ الرَّجُلَ لَا حَقَّ لَهُ فِي مَالِ الْمَرْأَةِ أَصْلًا، فَوَجَبَ الْقَطْعُ عَلَيْهِ إذَا سَرَقَ مِنْهُ شَيْئًا؛ لِأَنَّهُ فِي ذَلِكَ كَالْأَجْنَبِيِّ ".
فَوَجَدْنَا الْمَرْأَة لَهَا فِي مَالِهِ حُقُوقًا مِنْ: صَدَاقٍ، وَنَفَقَةٍ، وَكِسْوَةٍ، وَإِسْكَانٍ، وَخِدْمَةٍ، فَكَانَتْ بِذَلِكَ كَالشَّرِيكِ - وَوَجَدْنَا «رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ قَالَ لِهِنْدَ بِنْتِ عُتْبَةَ إذْ أَخْبَرَتْهُ أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ لَا يُعْطِيهَا مَا يَكْفِيهَا وَوَلَدَهَا، فَقَالَ لَهَا - عَلَيْهِ السَّلَامُ - خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ» .
قَالُوا: فَقَدْ أَطْلَقَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَدَهَا عَلَى مَالِ زَوْجِهَا تَأْخُذُ مِنْهُ مَا يَكْفِيهَا وَوَلَدَهَا، فَهِيَ مُؤْتَمَنَةٌ عَلَيْهِ كَالْمُسْتَوْدَعِ، وَلَا فَرْقَ.
قَالُوا: وَالزَّوْجُ بِخِلَافِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ {وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا} [النساء: 20] الْآيَةَ.
وَقَالَ تَعَالَى {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا} [النساء: 4] فَبَيَّنَ اللَّهُ تَعَالَى تَحْرِيمَ الْقَلِيلِ مِنْ مَالِهَا وَالْكَثِيرِ عَلَيْهِ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: أَمَّا قَوْلُهُمْ - إنَّ لَهَا فِي مَالِهِ حُقُوقًا مِنْ صَدَاقٍ وَنَفَقَةٍ، وَكِسْوَةٍ، وَإِسْكَانٍ، وَخِدْمَةٍ.
وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَطْلَقَ يَدَهَا عَلَى مَالِهِ حَيْثُ كَانَ مِنْ حِرْزٍ أَوْ غَيْرِ حِرْزٌ، لِتَأْخُذَ مِنْهُ مَا يَكْفِيهَا وَوَلَدَهَا بِالْمَعْرُوفِ - إذَا لَمْ يُوَفِّهَا وَإِيَّاهُمْ حُقُوقَهُمْ - فَنَعَمْ، كُلُّ هَذَا حَقٌّ وَاجِبٌ، وَهَكَذَا نَقُولُ.
وَلَكِنْ لَا يَشُكُّ ذُو مُسْكَةٍ مِنْ حِسٍّ سَلِيمٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُطْلِقْ يَدَهَا عَلَى مَا لَا حَقَّ لَهَا فِيهِ مِنْ مَالِ زَوْجِهَا، وَلَا عَلَى أَكْثَرَ مِنْ حَقِّهَا، فَإِذْ لَا شَكَّ فِي ذَلِكَ، فَإِبَاحَةُ